للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* ومن ذلك: عموم قوله:

( .. ولا يجوز قراءة كتب أهل البدع والمعاصي ولا شراؤها ولا بيعها، وإن أحرقها أحد فهي هدر -كما جزم كثير من أهل العلم فيما ذكره ابن القيم وغيره في أحكام السياسة الشرعية) (١) اهـ.

ففهم بعض من يلوذون بهذا المنهاج من عموم هذا الكلام ما دفعهم إلى إحراق " فتح الباري "؛ لأنه " هدر " بزعمهم لما فيه من تأويل ونحوه.

وهذا الكلام إنما يصح في كتب الضلال كالسحر والكهانة والتنجيم، والعقائد الشركية الفاسدة، والأفكار الصوفية المنحرفة، أما الكتب النافعة التي غلب عليها الخير والفائدة بما فيها من العلم والتحقيق فلا حرج من الانتفاع بها، وإن تلبس مصنفوها ببعض المآخذ التي يمكن الاحتراز منها والتنبيه عليها، وبخاصة إذا كان قارئها طالب علم متمكنًا، عنده من الوعي والفهم ما يقيه هذه المآخذ.

ومن أمثلة ذلك: " فتح الباري "، وسائر كتب الحافظ ابن حجر رحمه الله، وكذا مصنفات الإمام النووي رحمه الله " كالمجموع شرح المهذب "، و " شرح صحيح مسلم "، وغيرها من كتبه المباركة، وكذا " الجامع لأحكام القرآن " للقرطبي، وغيرها من دواوين العلوم الخادمة والمخدومة على حدٍ سواء، ولو عُمِّمَ أسلوبُ هذا الإنسان، وهُجِرَ العالِمُ ومصنفاتُه لمثل هذا لما كاد يبقى معنا أحد، ولصرنا كدودة القز تطوي على نفسها بنفسها حتى تموت.

من ذا الذي ما ساء قط ... ومن له الحسنى فقط؟!

قال الإمام المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى: (من قواعد الشرع


(١) " عقيدة أبي حاتم " ص (١١١).

<<  <   >  >>