للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لخشيت أن أصنع مثل الذي صنع ".

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " البلاء موكَّل بالقول، لو سخرت من كلب لخشيت أن أُحَوَّل كلبًا ".

وقد حكي أن رجلاً كان يجرئ تلامذته على الطعن في العلماء وإهانتهم، وذات يوم تكلم بكلام لم يرق أحد تلامذته، فقام إليه فصفعه على رؤوس الأشهاد {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [الأنفال: ٥١]، قال خالد بن زهير الهذلي:

فلا تَجزعَنْ مِن سنة أنت سِرتَها ... فأولُ راضٍ سنةً مَن يَسيرُها

* وَليُعْلَم أنه يُخشى على من تلذذ بغيبة العلماء والقدح فيهم أن يُبتلى بسوء الخاتمة عياذًا بالله منها، فهذا القاضي الفقيه الشافعي محمد بن عبد الله الزبيدي (ولد سنة عشر وسبعمائة) (شرح التنبيه في أريعة وعشرين مجلدًا، درَّس وأفتى، وكثرت طلابه ببلاد اليمن، واشتهر ذكره، وبعد صيته، قال الجمال المصري: " إنه شاهده عند وفاته وقد إندلع (١) لسانه واسودَّ، فكانوا يرون أن ذلك بسبب كثرة وقيعته في الشيخ محيي الدين النووي رحمهم الله جميعًا " (٢).

إن السعيد لَمن له من غيره عظةٌ ... وفي التجارب تحكيمٌ ومُعتبَرُ

ثم الخائض في أعراض العلماء ظلمًا وعَدْوًا إن حُمل عنه ذلك، واقتُدي به فيه، فقد شنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، والدال


(١) اندلع اللسان: خرج من الفم واسترخى، وسقط على العنفقة، وهي الشعيرات بين الشفة السفلى والذقن.
(٢) " الدرر الكامنة " (٤/ ١٠٦).

<<  <   >  >>