المنهج، ويخطئون ويصيبون في قواعد التصور وقواعد التطبيق والسلوك، ولكن ليس شيء من أخطائهم محسوبًا على المنهج، ولا مغيرًا لقيمه وموازينه الثابتة.
وحين يخطئ البشر في التصور أو السلوك فإنه يصفهم بالخطأ، وحين ينحرفون عنه فإنه يصفهم بالانحراف، ولا يتغاضى عن خطئهم -مهما تكن منازلهم وأقدارهم- ولا ينحرف هو ليجاري انحرافهم.
ونتعلم نحن من هذا، أن تبرئه الأشخاص لا تساوي تشويه المنهج، وأنه من الخير للأمة الإسلامية أن تبقى مبادئ منهجها سليمة ناصعة قاطعة، وأن يوصف المخطئون المنحرفون عنها بالوصف الذي يستحقونه -أيًّا كانوا- وألا تبرر أخطاؤهم وانحرافاتهم أبدًا بتحريف المنهج وتبديل قيمه وموازينه، فهذا التحريف والتبديل أخطر على الإسلام من وصف كبار الشخصيات المسلمة بالخطأ أو الانحراف ...
فالمنهج أكبر وأبقى من الأشخاص، والواقع التاريخي للإسلام ليس هو كل فعل وكل وضع صنعه المسلمون في تاريخهم، وإنما هو كل وضع وكل فعل صنعوه موافقًا تمام الموافقة للمنهج ومبادئه وقيمه الثابتة ..
وإلا فهو خطأ أو انحراف لا يحسب على الإسلام وعلى تاريخ الإسلام، إنما يحسب على أصحابه وحدهم، ويوصف أصحابه بالوصف الذي يستحقونه من خطأ أو انحراف أو خروج على الإسلام ... إن تاريخ الإسلام ليس هو تاريخ المسلمين؛ ولو كانوا مسلمين بالاسم أو باللسان، إن تاريخ الإسلام هو تاريخ التطبيق الحقيقي للإسلام في تصورات الناس وسلوكهم، وفي أوضاع حياتهم، ونظام مجتمعاتهم، فالإسلام محور ثابت تدور حوله حياة الناس في إطار ثابت، فإذا هم خرجوا من هذا الإطار، أو إذا هم تركوا ذلك المحور بتاتًا، فما للإسلام وما لهم يومئذ؟ وما لتصرفاتهم وأعمالهم تحسب على الإسلام؟ بل ما