للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلمت أنه المقصود في الحديث ".

وصدق رحمه الله:

فها هو العلم في زماننا قد استدبر.

وها هو البغاث بأرضنا قد استنسر (١).

قد أعْوَزَ الماءُ الطهُور وما بقي ... غيرُ التيممِ لو يَطيب صعيدُ

ذكر أبو عمر عن مالك قال:

(أخبرني رجل أنه دخل على ربيعة فوجده يبكي، فقال: " ما يبكيك؟ أمصيبة دخلت عليك؟ "، وارتاع لبكائه، فقال: " لا، ولكن اسُتفتي من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم قال ربيعة: " ولَبعض من يفتي ها هنا أحق بالحبس من السُرَّاق ") (٢).

وأفضح ما يكون للمرء: دعواه بما لا يقوم به، وقد عاب العلماء ذلك قديمًا وحديثًا:

قال الإمام ابن حزم رحمه الله: " لا آفة على العلوم وأهلها أضرّ من الدُخَلاء فيها، وهم من غير أهلها، فإنهم يجهلون، ويظنون أنهم يعلمون، ويُفسدون، ويقدرون أنهم يُصلحون ".

وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: (" يلزم ولي الأمر منعهم -أي من الفتيا- كما فعل بنو أمية " إلى أن قال: " وإذا تعيَّن على ولي الأمر منعُ من لم يُحسن التطبيب ومداواة المرضى، فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة، ولم يتفقه في


(١) البُغاث: طائر أغبر، واستنسر: صار عزيزًا كالنسر بعد أن كان من ضعاف الطير.
(٢) تقدم ص (٣٤٧).

<<  <   >  >>