ما نجد أباه حيّا. قال عبد المطلب: هو ابن ابنى مات أبوه وأمه حبلى به. قال: صدقت.
قال عبد المطلب: تحفظوا بابن أخيكم، ألا تسمعون ما يقال فيه؟!.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يلعب مع الغلمان حتى بلغ الردم، فرآه قوم من بنى مدلج فدعوه، فنظروا إلى قدميه وإلى أثره، ثم خرجوا فى طلبه حتى صادفوا عبد المطلب قد لقيه فاعتنقه، فقالوا لعبد المطلب: ما هذا منك؟ قال: ابنى. قالوا: فاحتفظ به، فإنا لم نر قدما قط أشبه بالقدم الذى فى المقام من قدمه.
فقال عبد المطلب لأبى طالب: اسمع ما يقول هؤلاء. فكان أبو طالب يحتفظ به.
وقد روى أبو داود السجستانى من حديث ابن عباس، قال: أتى نفر من قريش امرأة كاهنة، فقالوا: أخبرينا بأقربنا شبها بصاحب هذا المقام.
قالت: إن جررتم على السهلة عباءة ومشيتم عليها أنبأتكم بأقربكم شبها به. فجروا عليها عباءة، ثم مشوا عليها، فرأت أثر قدم لمحمد صلى الله عليه وسلم، فقالت: هذا والله أقربكم شبها به.
قال ابن عباس: فمكثوا بعد عشرين سنة، ثم بعث محمد صلى الله عليه وسلم. ولما ظهر سيف بن ذى يزن على الحبشة، وذلك بعد مولد النبى صلى الله عليه وسلم أتته وفود العرب وأشرافها وشعراؤها يهنئونه ويمدحونه ويذكرون من حسن بلائه وطلبه بثأر قومه.
فأتاه وفد قريش وفيهم عبد المطلب بن هاشم فى أناس من وجوه قريش، فقدموا عليه صنعاء فأذن لهم، فلما دخلوا عليه دنا عبد المطلب منه فاستأذنه فى الكلام، فقال:
إن كنت ممن يتكلم بين يدى الملوك فقد أذنا لك.
فقال عبد المطلب: إن الله قد أحلك أيها الملك محلا رفيعا صعبا منيعا، شامخا باذخا، وأنبتك منبتا طابت أرومته وعزت جرثومته، وثبت أصله، وبسق فرعه، فى أكرم موطن، وأطيب معدن.
وأنت أيها الملك رأس العرب الذى به تنقاد، وعمودها الذى عليه العماد، ومعقلها الذى يلجأ إليه العباد، سلفك لك خير سلف، وأنت لنا فيه خير خلف، فلم يخمل من أنت سلفه، ولن يهلك من أنت خلفه، نحن أيها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته، أشخصنا إليك الذى أبهجنا بكشف الكرب الذى فدحنا، فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة.