للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر الحديث عن إسلام عمر بن الخطاب رضى الله عنه]

حدث عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أمه، أم عبد الله بنت أبى حثمة قالت: والله إنا لنترحل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر فى بعض حاجتنا، إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف على، وهو على شركه، قالت: وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشدة علينا، فقال: إنه للانطلاق يا أم عبد الله! فقلت: نعم، والله لنخرجن فى أرض الله، آذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله لنا مخرجا! فقال: صحبكم الله! ورأيت له رقة لم أكن أرها، ثم انصرف وقد أحزنه فيما أرى خروجنا. قالت: فجاء عامر بحاجته تلك، فقلت له: يا أبا عبد الله لو رأيت عمر آنفا ورقته علينا! قال: أطمعت فى إسلامه؟

قالت: نعم. قال: لا يسلم الذى رأيت حتى يسلم حمار الخطاب! قالت: يأسا منه لما كان يرى منه من غلظته وقسوته عن الإسلام «١» .

قال ابن إسحاق «٢» : وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة.

قال: وكان إسلامه فيما بلغنى، أن أخته فاطمة بنت الخطاب كانت قد أسلمت، وأسلم زوجها سعيد بن زيد، وهم مستخفون بإسلامهم من عمر، وكان نعيم بن عبد الله النحام من بنى عدى قد أسلم، وكان يستخفى بإسلامه فرقا من قومه، وكان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن.

فخرج عمر يوما متوشحا سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطا من أصحابه، قد ذكروا له أنهم اجتمعوا فى بيت عند الصفا، قريبا من أربعين بين رجال ونساء، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه حمزة، وأبو بكر الصديق، وعلى بن أبى طالب، فى رجال من المسلمين.

فلقيه نعيم فقال: أين تريد يا عمر؟ قال: أريد محمدا هذا الصابىء الذى فرق أمر قريش وسفه أحلامها وأعاب دينها وسب آلهتها فأقتله. فقال له نعيم: والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر! أترى بنى عبد مناف تاركيك تمشى على الأرض، وقد قتلت محمدا! أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم.


(١) انظر: السيرة (١/ ٢٨٢) .
(٢) انظر: السيرة (١/ ٢٨٢- ٢٨٣) .