للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن هشام: فخرج إلى دومة الجندل «١» .

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى سيف البحر عليهم أبو عبيدة بن الجراح وزودهم جرابا من تمر فجعل يقوتهم إياه حتى صار إلى أن يعده لهم عددا حتى كان يعطى كل رجل منهم كل يوم تمرة فقسمها يوما فنقصت تمرة عن رجل فوجد فقدها ذلك اليوم!.

قال بعضهم: فلما جهدنا الجوع أخرج الله لنا دابة من البحر فأصبنا من لحمها وودكها وأقمنا عليها عشرين ليلة حتى سمنا وأخذ أميرنا ضلعا من أضلاعها فوضعها على طريقه ثم أمر بأجسم بعير معنا فحمل عليه أجسم رجل منا فجلس عليه فخرج من تحتها وما مست رأسه فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه خبرها وسألناه عن أكلنا إياها فقال: «رزق رزقكموه الله» «٢» .

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمرى بعد مقتل خبيب وأصحابه إلى مكة وأمره ان يقتل أبا سفيان بن حرب وبعث معه جبار بن صخر الأنصارى، فخرجا حتى قدما مكة وحبسا جمليهما بشعب من شعاب يأجج ثم دخلا مكة ليلا فقال جبار لعمرو: لو أنا طفنا بالبيت وصلينا ركعتين؟ فقال عمرو: إن القوم إذا تعشوا جلسوا بأفنيتهم، فقال: كلا إن شاء الله. قال عمرو: فطفنا بالبيت وصلينا ثم خرجنا نريد أبا سفيان، فو الله إنا لنمشى بمكة إذا نظر إلى رجل من أهل مكة فعرفنى فقال: عمرو بن أمية! والله إن قدمها إلا لشر. فقلت لصاحبى: النجاء. فخرجنا نشتد حتى أصعدنا فى جبل وخرجوا فى طلبنا حتى إذا علونا الجبل يئسوا منّا فرجعنا فدخلنا كهفا فى الجبل فبتنا وقد أخذنا حجارة فرضمناها دوننا. فلما أصبحنا غدا رجل من قريش يقود فرسا له ويختلى عليها فغشينا ونحن فى الغار فقلت: إن رآنا صاح بنا فأخذنا فقتلنا. قال:

ومعى خنجر قد أعددته لأبى سفيان، فأخرج إليه فأضربه على ثديه وصاح صيحة أسمع أهل مكة، وأرجع فأدخل مكانى. وجاءه الناس يشتدون وهو بآخر رمق فقالوا:

من ضربك؟ فقال: عمرو بن أمية. وغلبه الموت فمات مكانه ولم يدلل على مكاننا، فاحتملوه فقلت لصاحبى لما أمسينا: النجاء.

فخرجنا ليلا من مكة نريد المدينة فمررنا بالحرس وهم يحرسون جيفة خبيب ابن


(١) انظر: السيرة (٤/ ٢٥٤) .
(٢) انظر الحديث فى: صحيح مسلم (٣/ ١٥٣٥/ ١٧، ١٨) ، مسند الإمام أحمد (٣/ ٣١١) ، مسنف عبد الرزاق (٤/ ٨٦٦٨) .