رأوه، فلزمهم وقال: كيف أصدقكم وأنتم تصفون بعيرى بصفته!! فساروا حتى قدموا نجران، فنزلوا بالأفعى الجرهمى، فنادى صاحب البعير: بعيرى، وصفوا لى صفته، ثم قالوا: لم نره!
فقال لهم الأفعى: كيف وصفتموه، ولم تروه؟
فقال له مضر: رأيته يرعى جانبا ويدع جانبا فعرفت أنه أعور.
وقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فاسدة الأثر، فعلمت أنه أفسدها لشدة وطئه لازوراره.
وقال إياد: عرفت بتره باجتماع بعره، ولو كان ذيالا لمصع به.
وقال أنمار: عرفت أنه شرود، أنه كان يرعى فى المكان المتلف نبته، ثم يجوزه إلى مكان أرق منه وأخبث.
قال الشيخ: ليسوا بأصحاب بعيرك، فاطلبه.
ثم سألهم من هم؟
فأخبروه، فرحب بهم وقال: تحتاجون إلى وأنتم كما أرى!
فدعا لهم بطعام، فأكل وأكلوا وشرب وشربوا.
فقال مضر: لم أر كاليوم خمرا أجود لولا أنها نبتت على قبر.
وقال ربيعة: لم أر كاليوم لحما أطيب لولا أنه ربى بلبن كلبة.
وقال إياد: لم أر كاليوم رجلا سرنى لولا أنه ليس لأبيه الذى يدعى له.
وقال أنمار: لم أر كاليوم كلاما أنفع فى حاجتنا.
وسمع صاحبهم كلامهم، فقال: ما هؤلاء؟! إنهم لشياطين.
ثم أتى أمه، فسألها، فأخبرته أنها كانت تحت ملك لا يولد له، فكرهت أن يذهب الملك، فأمكنت رجلا نزل بهم من نفسها، فوطئها، فجاءت به.
وقال للقهرمان: الخمر التى شربناها ما أمرها؟
قال: من حبلة غرستها على قبر أبيك.