للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نجاهد لا نبالى ما لقينا ... أأهلكنا التلاد أم الطريفا

وكم من معشر ألبوا علينا ... صميم الجذم منهم والحليفا

أتونا لا يرون لهم كفاء ... فجدعنا المسامع والأنوفا

بكل مهند لين صقيل ... نسوقهم بها سوقا عنيفا

لأمر الله والإسلام حتى ... يقوم الدين معتدلا حنيفا

وتنسى اللات والعزى وود ... ونسلبها القلائد والشنوفا

فأمسوا قد أقروا واطمأنوا ... ومن لا يمتنع يقبل خسوفا

وسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على نخلة اليمانية، وانتهى إلى بحرة الرغاة «١» فابتنى بها مسجدا فصلى فيه وأقاد فيها يومئذ بدم رجل من هذيل قتله رجل من بنى ليث فقتله به، وهو أول دم أقيد به فى الإسلام، وأمر فى طريقه بحصن مالك بن عوف فهدم.

ثم سلك فى طريق فسأل عن اسمها فقيل له: الضيقة. فقال: «بل هى اليسرى» . ثم خرج منها حتى نزل تحت سدرة يقال لها: الصادرة قريبا من مال رجل من ثقيف، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إما أن تخرج، وإما أن نخرب عليك حائطك» ، فأبى أن يخرج فأمر بإخرابه.

ثم مضى حتى نزل قريبا من الطائف، فضرب به عسكره، فقتل ناس من أصحابه بالنبل، وذلك أن العسكر اقترب من حائط الطائف، فكانت النبل تنالهم، ولم يقدر المسلمون على أن يدخلوا حائطهم، أغلقوه دونهم.

فلما أصيب أولئك النفر من أصحابه بالنبل وضع عسكره عند مسجده الذى بالطائف اليوم فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة، وقيل «٢» : بضع عشرة ليلة ومعه امرأتان من نسائه، إحداهما أم سلمة، فضرب لهما قبتين، ثم صلى بينهما، فلما أسلمت ثقيف بنى عمرو بن أمية بن وهب بن معتب بن مالك على مصلاة ذلك مسجدا، وكانت فيه سارية فيما يزعمون لا تطلع الشمس عليها يوما من الدهر إلا سمع لها نقيض، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاتلهم قتالا شديدا، وتراموا بالنبل «٣» .

ورماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنجنيق فيما ذكر ابن هشام، قال: وهو أول من رمى به فى الإسلام إذ ذاك «٤» .


(١) بحرة الرغاء: هو موضع من أعمال الطائف قرب ليّة. انظر: معجم البلدان (١/ ٣٤٦) .
(٢) هذا من كلام ابن هشام، قال: ويقال: سبع عشرة ليلة. انظر: السيرة (٤/ ١٠٩) .
(٣) ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية (٤/ ٣٤٦) ، الطبرى فى تاريخه (٢/ ١٧٢) .
(٤) انظر: السيرة (٤/ ١١٠) ، وذكره ابن كثير فى البداية والنهاية (٤/ ٣٤٨) .