للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأنزل الله عليه فى ذلك: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ [آل عمران: ١٢٨] .

وكان الذى كسر رباعيته وجرح شفته عتبة بن أبى وقاص وشجه عبد الله بن شهاب الزهرى فى جبهته وجرح ابن قميئة وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر فى وجنته، ووقع صلوات الله عليه فى حفرة من الحفر التى عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون، فأخذ على بن أبى طالب بيده ورفعه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قائما. ومص مالك بن سنان والد أبى سعيد الخدرى الدم من وجهه ثم ازدرده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مس دمه دمى لم تصبه النار» «١» .

وقال صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشى على الأرض فلينظر إلى طلحة» «٢» .

ونزع أبو عبيدة بن الجراح إحدى الحلقتين من وجهه صلى الله عليه وسلم فسقطت ثنيته، ثم نزع الأخرى فسقطت ثنيته الأخرى، فكان ساقط الثنيتين.

وكان سعد بن أبى وقاص يقول: والله، ما حرصت على قتل رجل قط حرصى على قتل عتبة بن أبى وقاص- وهو أخوه- وإن كان ما علمت لسىء الخلق مبغضا فى قومه، ولقد كفانى منه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشتد غضب الله على من دمى وجه رسوله» «٣» .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غشيه القوم: «من رجل يشرى لنا نفسه؟» فقام زياد بن السكن فى نفر خمسة من الأنصار، وبعض الناس يقولون: إنما هو عمارة بن زياد بن السكن، فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ثم رجلا، يقتلون دونه، حتى كان آخرهم زياد أو عمارة، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، ثم جاءت فئة من المسلمين فأجهضوهم عنه،


- للسيوطى (٢/ ٧١) ، إتحاف السادة المتقين (٧/ ٩٢) ، تفسير ابن كثير (٢/ ٩٨) ، فتح البارى لابن حجر (٧/ ٣٦٦) ، المغنى عن حمل الأسفار للعراقى (٢/ ٣٥٢) ، أخلاق النبوة (٧٢) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٢٣) .
(١) انظر الحديث فى: تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (٦/ ١١٢) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٢٤) .
(٢) انظر الحديث فى: المعجم الكبير للطبرانى (١/ ٧٦) ، السنة لابن أبى عاصم (٢/ ٦١٤) ، كنز العمال للمتقى الهندى (٣٣٣٦٩) ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (٧/ ٨٠) .
(٣) انظر الحديث فى: موارد الظمآن للهيثمى (٢٢١٢) ، دلائل النبوة للبيهقى (٣/ ٢٦٥) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٣٠) .