وأكرمنى الرحمن من فضل منه ... بثوب من الإسلام غطى المساويا
وما كان مكروها إلىّ قتالهم ... غداة دعا الأكفاء من كان داعيا
لقيناهم كالأسد تعثر بالقنا ... نقاتل فى الرحمن من كان عاصيا
فما برحت أقدامنا من مقامنا ... ثلاثتنا حتى أزيروا المنانيا
قال ابن هشام «١» : لما أصيبت رجل عبيدة قال: أما والله لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لعلم أنى أحق منه بما قال حين يقول:
كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ... ولما نطاعن حوله ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
ولما هلك عبيدة بن الحارث من مصاب رجله قالت هند ابنة أثاثة بن عباد بن المطلب ترثيه وكانت وفاته بالصفراء، وبها دفن يرحمه الله تعالى:
لقد ضمن الصفراء مجدا وسؤددا ... وحلما أصيلا وافر اللب والعقل
عبيدة فابكيه لأضياف غربة ... وأرملة تهوى لأشعث كالجذل
وبكيه للأقوام فى كل شتوة ... إذا احمر آفاق السماء من المحل
وبكيه للأيتام والريح زفزف ... وتشتيت قدر طال ما أزبدت تغلى
فإن تصبح النيران قد مات ضوؤها ... فقد كان يذكيهن بالحطب الجزل
لطارق ليل أو لملتمس القرى ... ومستنبح أضحى لديه على رسل
وقال طالب بن أبى طالب يمدح النبى صلى الله عليه وسلم، ويبكى أصحاب القليب من قريش:
ألا إن عينى أنفدت ماءها سكبا ... تبكى على كعب وما إن ترى كعبا
ألا إن كعبا فى الحروب تخاذلوا ... وأرادهم ذا الدهر واجترحوا ذنبا
وعامر تبكى للملمات غدوة ... فياليت شعرى هل أرى لهما قربا
هما أخواى لن يعدا لغية ... تعد ولن يستام جارهما غصبا
فيا أخوينا عبد شمس ونوفلا ... فدا لكما لا تبعثوا بيننا حربا
ولا تصحبوا من بعد ود وألفة ... أحاديث فيها كلكم يشتكى النكبا
ألم تعلموا ما كان فى حرب داحس ... وجيش أبى يكسوم إذ ملأوا الشعبا
فلولا دفاع الله لا شىء غيره ... لأصبحتم لا تمنعون لكم سربا
فما إن جنينا فى قريش عظيمة ... سوى أن حمينا خير من وطئ التربا
أخا ثقة فى النائبات مرزأ ... كريما ثناه لا بخيلا ولا ذربا
(١) انظر السيرة (٢/ ٣٢٧) .