فلما اتانا الرسول الرشي ... د بالحق والنور بعد الظلم
فقلنا صدقت رسول المليك ... هلم إلينا وفينا أقم
فنشهد أنك عبد الإل ... هـ أرسلت نورا بدين قيم
فإنا وأولادنا جنة ... نقيك وفى مالنا فاحتكم
فنحن أولئك إن كذبوك ... فناد نداء ولا تحشم
وناد بما كنت أخفيته ... نداء جهارا ولا تكتم
فسار الغواة بأسيافهم ... إليه يظنون أن يخترم
فقمنا إليهم بأسيافنا ... نجالد عنه بغاة الأمم
بكل صقيل له ميعة ... رقيق الذباب عضوض خذم
إذا ما يصادف صم العظا ... م لم ينب عنها ولم ينثلم
فذلك ما ورثتنا القرو ... م مجدا تليدا وعزا أشم
إذا مر نسل كفى نسله ... وغادر نسلا إذا ما انقصم
فما إن من الناس إلا لنا ... عليه وإن خاس فضل النعم
[ذكر الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم ملخصا من كتاب ابن إسحاق والواقدى وغيرهما]
وما زال آحاد الوافدين وأفذاذ الوفود من العرب يغدون على رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أظهر الله دينه، وقهر أعداه. ولكن انبعاث جماهيرهم إلى ذلك إنما كان بعد فتح مكة، ومعظمه فى سنة تسع، ولذلك كانت تسمى سنة الوفود.
وذلك «١» أن العرب كانت تربص بالإسلام ما يكون من قريش فيه، إذ هم الذين كانوا نصبوا لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافه، وكانوا إمام الناس وهاديهم، وأهل البيت والحرم، وصريح ولد إسماعيل، وقادة العرب، لا ينكر لهم ذلك، ولا ينازعون فيه. فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، ودانت له قريش، ودوخها الإسلام، عرفت العرب أنهم لا طاقة لهم بحربه ولا عداوته، فدخلوا فى دين الله أفواجا، يضربون إليه من كل وجه، يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر: ١] أى فتح مكة
(١) انظر: السيرة (٤/ ١٨٥) .