للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله، هم بهذه السرية فقال: «كيف بلادكم؟» فقلنا: مخصبون، فقال: «الحمد لله» .

فأقمنا أياما، فتعلمنا من القرآن والسنن، وضيافته تجرى علينا، ثم جئنا نودعه منصرفين، فقال لبلال: «أجزهم كما تجيز الوفد» ، فجاء بلال بنقر من فضة، فأعطى كل واحد منا خمس أواق، وقال: ليس عندنا دراهم مضروبة، فانصرفنا إلى بلادنا «١» .

وفد بنى سعد هذيم «٢»

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو سعد هذيم، من قضاعة فى سنة تسع.

ذكر الواقدى عن ابن النعمان منهم عن أبيه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وافدا فى نفر من قومى، وقد أوطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاد غلبة، وأداخ العرب، والناس صنفان. إما داخل فى الإسلام راغب فيه، وإما خائف من السيف، فنزلنا ناحية من المدينة، ثم خرجنا نؤم المسجد حتى انتهينا إلى بابه، فنجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى على جنازة فى المسجد، فقمنا خلفه ناحية، ولم ندخل مع الناس فى صلاتهم، وقلنا: حتى نلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبايعه، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلينا، فدعا بنا، فقال: «من أنتم؟» فقلنا: من بنى سعد هذيم، فقال: «أمسلمون أنتم؟» قلنا: نعم، قال: فهلا صليتم على أخيكم؟» قلنا: يا رسول الله، ظننا أن ذلك لا يجوز لنا حتى نبايعك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أينما أسلمتم مسلمون» .

قال: فأسلمنا وبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيدينا على الإسلام، ثم انصرفنا إلى رحالنا، وقد كنا خلفنا عليها أصغرنا، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طلبنا، فأتى بنا إليه، فتقدم صاحبنا فبايعه على الإسلام، فقلنا: يا رسول الله، إنه أصغرنا، وإنه خادمنا، فقال: «أصغر القوم خادمهم، بارك الله عليه» «٣» .

قال: فكان والله خيرنا، وأقرأنا للقرآن، لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له، ثم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا، فكان يؤمنا.

ولما أردنا الانصراف، أمر بلالا فأجازنا بأواقى من فضة، لكل رجل منا، فرجعنا إلى قومنا، فرزقهم الله الإسلام.


(١) ذكره ابن عساكر فى تهذيب تاريخ دمشق (٣/ ٣٠٢، ١٠/ ٢٩٦) .
(٢) راجع: المنتظم لابن الجوزى (٣/ ٣٥٦) ، طبقات ابن سعد (١/ ٢/ ٥٩، ٦٥) .
(٣) ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية (٥/ ٩٤) .