للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أيا عز إن لم تقتلى المرء خالدا ... فبوئى بإثم عاجل أو تنصرى

فلما انتهى إليها خالد هدمها. ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

غزوة حنين «١»

ولما سمعت «٢» هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة، جمعها مالك بن عوف النضرى، فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها، واجتمعت نضر وجشم كلها، وسعد بن بكر وناس من بنى هلال وهم قليل، ولم يشهدها من قيس عيلان إلا هؤلاء.

وفى بنى جشم دريد بن الصمة شيخ كبير ليس فيه شىء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب، وجماع أمر الناس إلى مالك بن عوف.

فلما أجمع السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حط مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس وفيهم دريد بن الصمة فى شجار «٣» له يقاد به، فلما نزل قال: «فى أى واد أنتم؟» قالوا: بأوطاس. قال: «نعم مجال الخيل لا حزن ضرس»

ولا سهل دهس «٥» ، ما لى أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير ويعار الشاء؟» قالوا: ساق مالك بن عوف مع الناس أمولهم ونساءهم وأبناءهم. قال: «أين مالك؟» فدعى له فقال: «يا مالك، إنك أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم له ما بعده، ما لى أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار الشاء؟» قال: سقت مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم قال: فانقض به، وقال: «راعى ضأن والله! وهل يرد المنهزم شىء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت فى أهلك ومالك» .

ثم قال: «ما فعلت كعب وكلاب؟» قالوا: لم يشهدها منهم أحد. قال: «غاب


(١) راجع هذه الغزوة فى: المنتظم لابن الجوزى (٣/ ٣٣١- ٣٤١) ، مغازى الواقدى (٣/ ٨٨٥) ، طبقات ابن سعد (٢/ ١/ ١٠٨) ، تاريخ الطبرى (٣/ ٧١) ، الكامل (٢/ ١٣٥) ، البداية والنهاية (٤/ ٣٢٢) .
(٢) انظر: السيرة (٤/ ٧١) .
(٣) شجار: شبه الهودج إلا أنه مكشوف من أعلى.
(٤) الحزن: المرتفع من الأرض. الضرس: الذى فيه حجارة محددة.
(٥) سهل دهس: هو كل لين سهل لا يبلغ أن يكون رملا وليس بتراب ولا طين..