ويا ليتنى فيها إلى الله صائر ... وقلبى عن الإيمان غير مقلب
وإن امرؤ وارى البقيع عظامه ... لفى زمرة تلقى بسهل ومرحب
وفى ذمة من خير من وطئ الثرى ... ومن يعتلقه حبله لا يعذب
وما لى لا أشرى الجنان بعزمة ... يهون عليها كل طام ويسبسب
وماذا الذى يثنى عنانى وإننى ... لجواب آفاق كثير التقلب
أفقر ففى كفى لله نعمة ... وبين فقد فارقت قبل بنى أبى
وقد مرنت نفسى على البعد وانطوت ... على مثل حد السمهرى المدرب
وكم غربة فى غير حق قطعتها ... فهلا لذات الله كان تغربى
وكم فاز دونى بالذى رمت فائز ... وأخطأنى ما ناله من تغرب
أراه وأهوى فعلة البر قاعدا ... فيا قعدى البر قم وتلبب
أمانى قد أفنى الشباب انتظارها ... وكيف بما أعيى الشباب لأشيب
وقد كانت أسرى فى الظلام بأدهم ... فهأنا أغدو فى الصباح بأشهب
فمن لى وأنى لى بريح تحطنى ... إلى ذروة البيت الرفيع المطنب
إلى الهاشمى الأبطحى محمد ... إلى خاتم الرسل المكين المقرب
إلى صفوة الله الأمين لوحيه ... أبى القاسم الهادى إلى خير مشعب
إلى ابن الذبيحين الذى صيغ مجده ... ولما تصغ شمس ولا بدر غيهب
إلى المنتقى من عهد آدم فى الذرى ... يردد فى سر الصريح المهذب
إلى من تولى الله تطهير بيته ... وعصمته من كل عيص مؤشب
فجاء برىء العرض من كل وصمة ... فما شئت من أم حصان ومن أب
كروض الربا كالشمس فى رونق الضحى ... كناشئ ماء المزن قبل التصوب
عليه من الرحمن عين كلاءة ... تجنبه إلمام كل مجنب
إذا أعرضت أعراقه عن قبيلة ... فما أعرضت إلا لأمر مغيب
وما عبرت إلا على مسلك الهدى ... ولا عثرت إلا على كل طيب
فمن مثل عبد الله خير لداته ... وآمنة فى خير ضنء ومنصب
إذا اتصلت جاءتك أفلاذ زهرة ... كأسد الشرى من كل أشوس أغلب
ولا خال إلا دون سعد بن مالك ... ولو كان فى عليا معد ويعرب
ومن ذا له جد كشيبة ذى الندى ... وساقى الحجيج بين شرق ومغرب
له سؤدد البطحاء غير مدافع ... وحومة ما بين الصفا والمحصب
أبو الحارث السامى إلى كل ذروة ... يقصر عن إدراكها كل كوكب