للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظاهر بين درعين فجلس تحته بن عبيد الله فنهض به حتى استوى عليها، فقال صلى الله عليه وسلم:

«أوجب طلحة» «١» .

وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر- يومئذ- قاعدا من الجراح التى أصابته، وصلى المسلمون خلفه قعودا.

ولما خرج صلى الله عليه وسلم إلى أحد رفع حسيل بن جابر وهو اليمان أبو حذيفة بن اليمان، وثابت بن قيس فى الآكام مع النساء والصبيان، فقال أحدهما لصاحبه وهما شيخان كبيران: لا اب لك! ما ننتظر؟ فو الله إن بقى لواحد منا من عمره إلا ظمء حمار، إنما نحن هامة اليوم أو غد، أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعل الله يرزقنا شهادة معه؟ فأخذا اسيافهما ثم خرجا حتى دخلا فى الناس ولم يعلم بهما.

فأما ثابت فقتله المشركون، وأما حسيل فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه وهم لا يعرفونه، فقال حذيفة: أبى! قالوا: والله إن عرفناه. وصدقوا. قال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، فزاده عند رسول الله خيرا.

وكان ممن قتل يوم أحد مخيرق من أحبار اليهود، وقد تقدم خبره وكيف قال- يومئذ- ليهود: لقد علمتم أن نصر محمد عليكم لحق. فتعللوا عليه بأنه يوم السبت، فقال لهم: لا سبت لكم. وأخذ سيفه وعدّته فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل معه حتى قتل بعد أن قال: إن أصبت فمالى لمحمد يصنع فيهما يشاء. وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مخيريق خير يهود» «٢» .

وكان عمرو بن ثابت وقش أصيرم بنى عبد الأشهل يأبى الإسلام على قومه، فلما


(١) انظر الحديث فى: سنن الترمذى (٣٧٣٨) ، مسند الإمام أحمد (١/ ١٦٥) ، السنن الكبرى للبيهقى (٦/ ٣٧٠، ٩/ ٤٦) ، مستدرك الحاكم (٣/ ٢٥، ٣٧٣) ، موارد الظمآن للهيثمى (٢٢١٢) ، الترغيب والترهيب للمنذرى (٢/ ٢٨١) ، فتح البارى لابن حجر (٧/ ٣٦١، ١٢/ ٩١) ، مشكاة المصابيح للتبريزى (٦١١٢) ، شرح السنة للبغوى (١٤/ ١٢٠) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٣/ ١/ ١٥٥) ، السنة لابن أبى عاصم (٢/ ٦١٢) ، كنز العمال للمتقى الهندى (٣٣٣٦٤) ، دلائل النبوة للبيهقى (٣/ ٢٣٨) .
(٢) انظر الحديث فى: الطبقات الكبرى لابن سعد (١/ ٢/ ١٨٣) ، دلائل النبوة لأبى نعيم (١/ ١٨) ، البداية والنهاية لابن كثير (٣/ ٢٣٧، ٤/ ٣٦) ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (٣/ ٢٤٥، ١٠/ ٨٧) .