للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأذن الله تبارك وتعالى، عند ذلك لنبيه فى الهجرة.

[ذكر الحديث عن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر الصديق رضى الله عنه مهاجرين إلى المدينة]

حدث «١» عروة بن الزبير، عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان لا يخطىء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتى بيت أبى بكر أحد طرفى النهار، إما بكرة وإما عشية، حتى إذا كان اليوم الذى أذن الله فيه لرسوله فى الهجرة والخروج من مكة من بين ظهرانى قومه، أتانا بالهاجرة فى ساعة كان لا يأتى فيها، قالت: فلما رآه أبو بكر قال: ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الساعة إلا من حدث.

فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره، فجلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبى بكر إلا أنا وأختى أسماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرج عنى من عندك. فقال: يا نبى الله، إنما هما ابنتاى، وما ذاك فداك أبى وأمى؟.

فقال: «إن الله قد أذن لى فى الخروج والهجرة» . فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله، قال: «الصحبة» . قالت: فو الله ما شعرت قط قبل ذلك أن أحدا يبكى من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكى يومئذ!.

ثم قال: يا نبى الله، إن هاتين الراحلتين قد كنت أعددتهما لهذا. وكان أبو بكر رجلا ذا مال، فكان حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الهجرة، فقال له: «لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا» ، قد طمع بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعنى نفسه، فابتاع راحلتين، فحبسهما فى داره يعلفهما إعدادا لذلك.

واستأجر عبد الله بن أريقط رجلا من بنى الديل بن بكر وكان مشركا، يدلهما الطريق، ودفعا إليه راحلتيهما فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما.

قال ابن إسحاق «٢» : ولم يعلم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج أحد، إلا على بن أبى طالب، وأبو بكر الصديق، وآل أبى بكر. أما على فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره بخروجه، وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التى كانت


(١) انظر: السيرة (٢/ ٩١) .
(٢) انظر: السيرة (٢/ ٩٢) .