وإذا ذكره كثير فى الناس، وأسمع أن الخزرج تبعته، فقدمت حجرا، فقال لى هوذة: ما فعل الرجل؟ فقلت: رأيت أمره قد أمر ورأيت قومه عليه أشداء. فقال هوذة: هو الذى قلت لك، ولو أنا تبعناه كان خيرا لنا، ولكنا نضن بملكنا. وكان قومه قد توجوه وملكوه.
قال عامر: فمر بى سليط بن عمرو العامرى، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوذة، فضيفته وأكرمته وأخبرنى من خبر هوذة، أنه لم يسلم، وقد رد ردا دون رد. قال:
فأخبرت سليطا خبرى لهوذة، فأخبره سليط رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم عامر بن سلمة، ومات هوذة بن على سنة ثمان من الهجرة كافرا على نصرانيته. ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى عبس إلى الإسلام فلم يقبلوا.
قال أبو وابصة العبسى فيما ذكر الواقدى: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منزلنا بمنى، فدعانا إلى الله، فو الله ما استجبنا له، وما خير لنا، وكان معنا ميسرة بن مسروق العبسى فقال لنا: أحلف بالله لو صدقنا هذا الرجل وحملناه حتى نحل به وسط رحالنا لكان الرأى. فقال له القوم: من بين العرب نفعل هذا؟ قال: نعم من بين العرب، فأحلف بالله ليظهرن أمره، حتى يبلغ كل مبلغ. فقال له القوم: دعنا منك لا تعرضنا لما لا قبل لنا به.
وطمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ميسرة، فكلمه، فقال ميسرة: ما أحسن كلامك وأنوره، ولكن قومى يخالفوننى، وإنما الرجل بقومه. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج القوم صادرين إلى أهليهم، فقال لهم ميسرة: ميلوا بنا إلى فدك فإن بها يهود، نسألهم عن هذا الرجل. فمالوا إلى يهود، فأخرجوا سفرا لهم فوضعوه، ثم درسوا ذكر النبى صلى الله عليه وسلم، الأمى العربى يركب الحمار ويجتزىء بالكسرة، وليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بالجعد ولا بالبسط، فى عينيه حمرة مشرب اللون. قالوا: فإن كان هذا الذى دعاكم فأجيبوه، وادخلوا فى دينه، فإنا نحسده ولا نتبعه ولنا منه فى مواطن بلاء عظيم، ولا يبقى فى العرب أحد إلا تبعه أو قتله، فكونوا ممن يتبعه.
قال ميسرة: يا قوم والله ما بقى شىء، إن هذا لأمر بين. قال القوم: نرجع إلى الموسم ونلقاه، ورجع القوم إلى بلادهم، فأبى ذلك عليهم رجالهم، فلم يتبعه أحد منهم، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا وحج حجة الوداع لقيه ميسرة، فعرفه فقال: يا رسول الله، والله مازلت حريصا على اتباعك منذ يوم رأيتك أنخت بنا حتى