وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً جماعات جماعات فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ أى فاحمد الله على ما ظهر من دينك وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً إشارة إلى انقضاء أجله، واقتراب لحاقه برحمة ربه، مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً [النساء: ٦٩] .
كذلك يقول عبد الله بن عباس، وقد سأله عمر بن الخطاب عن هذه السورة، فلما أجابه بنحو هذا المعنى، قال له عمر رضى الله عنه: ما أعلم منها إلا ما تعلم.
فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفود العرب، فمن ذلك:
وفد بنى تميم «١»
قدم عليه عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس التميمى، فى أشراف من قومه، منهم: الأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم، والحتات بن يزيد، ونعيم ابن يزيد، وقيس بن الحارث، وقيس بن عاصم فى وفد عظيم من بنى تميم.
فلما دخلوا المسجد نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته: أن أخرج إلينا يا محمد، فآذى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من صياحهم، وإياهم عنى الله سبحانه بقوله: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [الحجرات: ٤] ، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد، جئناك نفاخرك، فأذن لشاعرنا وخطيبنا؛ قال:«قد أذنت لخطيبكم فليقل» ، فقام عطارد بن حاجب، فقال:
الحمد لله الذى له علينا الفضل، وهو أهله، الذى جعلنا ملوكا، ووهب لنا أموالا عظاما، نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعزة أهل المشرق وأكثره عددا، وأيسره عدة، فمن مثلنا فى الناس؟ ألسنا برؤس الناس، وأولى فضلهم؟ فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددناه، وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام، ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا، وإنا نعرف بذلك.
أقول هذا لأن تأتونا بمثل قولنا، وأمر أفضل من أمرنا، ثم جلس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن شماس أخى بنى الحارث بن الخزرج:«قم، فأجب الرجل فى خطبته» . فقام ثابت، فقال: