للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاضر عشيشية مع غروب الشمس كمنت فى ناحية. وأمرت صاحبى فكمنا فى ناحية أخرى من حاضر القوم وقلت لهما: إذا سمعتمانى قد كبرت وشددت فى ناحية العسكر فكبرا وشدا معى. فو الله، إنا لكذلك ننتظر غرة القوم أو أن نصيب منهم شيئا وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء وكان لهم راع سرح فى ذلك البلد فأبطأ عليهم حتى تخوفوا عليه، فقام صاحبهم ذلك فأخذ سيفه فجعله فى عنقه ثم قال: والله لأتبعن أثر راعينا هذا ولقد أصابه شر. فقال نفر ممن معه: والله لا تذهب أنت نحن نكفيك. قال: والله لا يذهب إلا أنا. قالوا: فنحن معك. قال: والله لا يتبعنى أحد منكم. وخرج حتى مر بى فلما أمكننى نفحته بسهم فوضعته فى فؤاده والله ما تكلم.

ووثبت إليه فاحتززت رأسه وشدتت فى ناحية العسكر وكبرت وشد صاحباى وكبرا فو الله ما كان إلا النجاء ممن فيه، عندك، بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم وما خف معهم من أموالهم واستقنا إبلا عظيمة وغنما كثيرة فجئنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجئت برأسه أحمله معى فأعاننى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الإبل بثلاثة عشر بعيرا فى صداقى فجمعت إلى أهلى «١» .

وغزوة توجه فيها عبد الرحمن بن عوف، قال عطاء بن أبى رباح: سمعت رجلا من اهل البصرة يسأل عبد الله بن عمر بن الخطاب عن إرسال العمامة من خلف الرجل إذا اعتم، فقال عبد الله: سأخبرك إن شاء الله عن ذلك بعلم. ثم ذكر مجلسا شاهده من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فيه عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية بعثه عليها. قال: فأصبح وقد اعتم بعمامة من كرابيس سوداء فأدناه رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ثم نقضها ثم عمه بها وأرسل من خلفه أربع أصابع أو نحوا من ذلك. ثم قال: هكذا يا ابن عوف فاعتم فإنه أحسن وأعرف. ثم أمر بلالا أن يدفع إليه اللواء، فدفعه إليه، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نفسه ثم قال: «خذه يا ابن عوف، اغزوا جميعا فى سبيل الله فقاتلوا من كفر بالله لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، فهذا عهد الله وسيرة نبيه فيكم» ، فأخذ عبد الرحمن بن عوف اللواء «٢» .


(١) انظر الحديث فى: مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ٢٠٦، ٢٠٧) ، مسند الإمام أحمد (٦/ ١١) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٢٢٣) ، دلائل النبوة للبيهقى (٤/ ٣٠٣) .
(٢) انظر الحديث فى: كنز العمال للمتقى الهندى (٣٠٢٨٩) ، طبقات ابن سعد (٢/ ٨٩) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٥/ ٣١٧، ٣١٨) .