للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفد عبد القيس «١»

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس فى جماعة رأسهم عبد الله بن عوف الأشج، فلما أتوه قال: «من الوفد؟» أو «من القوم؟» قالوا: ربيعة، قال: «مرحبا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا الندامى» ، قالوا: يا رسول الله، إنا نأتيك من شقة بعيدة، وإن بيننا وبينك هذا الحى من كفار مضر، وإنا لا نستطيع أن نأتيك إلا فى الشهر الحرام، فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا، ندخل به الجنة. فأمرهم بأربع، ونهاهن عن أربع.

أمرهم بالإيمان بالله وحده، وقال: «هل تدرون ما الإيمان بالله» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدوا خمسا من المغنم» .

ونهاهم عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير. قالوا: يا نبى الله، ما علمك بالنقير؟

قال: «بلى، جذع ينقرونه فيقذفون فيه من القطيعاء، أو قال: من التمر ثم يصبون فيه من الماء حتى إذا سكن غليانه شربتموه، حتى أن أحدكم أو أن أحدهم ليضرب ابن عمه بالسيف» ، وفى القوم رجل أصابته جراحه كذلك، قال: وكنت أخبأها حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سلم عليه القوم سألهم: «أيكم عبد الله الأشج» ؟ فقالوا: أتاك يا رسول الله. وكان عبد الله وضع ثياب سفره، وأخرج ثيابا حسانا فلبسها، وكان رجلا دميما، فلما جاء ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دمامته قال: يا رسول الله، إنه لا يستقى فى مسوك الرجال، إنما يحتاج من الرجل إلى أصغريه، لسانه وقلبه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم، والأناة» .

فقال عبد الله: يا رسول الله، أشىء حدث فى، أم شىء جبلت عليه؟ فقال: «بل شىء جبلت عليه» «٢» .

وكان الأشج يسائل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفقه والقرآن، فكان رسول الله يدنيه منه إذا جلس، وكان يأتى أبى بن كعب فيقرأ عليه.


(١) راجع: السيرة (٢٠٠- ٢٠١) . المنتظم لابن الجوزى (٣/ ٣٨٢) ، طبقات ابن سعد (١/ ٢/ ٦٤) ، تاريخ الطبرى (٣/ ١٣٦) .
(٢) انظر الحديث فى: سنن البيهقى (١٠/ ١٠٤) ، المعجم الكبير للطبرانى (٥/ ٣١٧) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٥/ ٦٤، ٩/ ٣٨٧، ٣٨٨) ، الترغيب والترهيب للمنذرى (٣/ ٤١٨) ، التاريخ الكبير-- (٥٨٥) ، فتح البارى لابن حجر (١٠/ ٤٥٩) ، مشكاة المصابيح للتبريزى (٥٠٥٤) ، إتحاف السادة المتقين للزبيدى (٨/ ٣١) ، كنز العمال للمتقى الهندى (٥٨٣٦، ٥٨٣٧) .