للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهن: ابكين على حتى أسمع ما تقلن قبل أن أموت. فقالت كل واحدة منهن شعرا ترثيه به وأنشدته إياه، فأشار برأسه، وقد أصمت: أن هكذا فابكيننى. وذكر ابن إسحاق تلك الأشعار «١» .

وقال ابن هشام: إنه لم ير أحدا من أهل العلم بالشعر يعرفها «٢» .

قال ابن إسحاق: وقال حذيفة بن غانم أخو بنى عدى بن كعب يبكى عبد المطلب بن هاشم، ويذكر فضله، وفضل قصى على قريش وفضل ولده من بعده عليهم:

أعينى جودا بالدموع على الصدر ... ولا تسأما أسقيتما سبل القطر «٣»

وجودا بدمع واشفحا كل شارق ... بكاء امرئ لم يشوه نائب الدهر «٤»

وسحا وجما واسجما ما بقيتما ... على ذى حياء من قريش وذى ستر

على رجل جلد القوى ذى حفيظة ... جليل المحيا غير نكس ولا هذر

على المزد البهلول ذى البأس والندى ... ربيع لؤى فى القحوط وفى العسر

على خير حاف من معد وناعل ... كريم المساعى طيب الخيم والنجر «٥»

على شيبة الحمد الذى كان وجهه ... يضىء سواد الليل كالقمر البدر

وساقى الحجيج ثم للخير هاشم ... وعبد مناف ذلك السيد الفهرى

طوى زمزما عند المقام فأصبحت ... سقايته فخرا على ذى فخر

ليبك عليه كل عان بكربة ... وآل قصى من مقل وذى وفر

بنوه سراة كهلهم وشبابهم ... تفلق عنهم بيضة الطائر الصقر


(١) انظر ما ذكره ابن إسحاق فى: السيرة (١/ ١٥٠- ١٥٤) .
(٢) هذا قول ابن هشام فى السيرة وقد ذكر أنه ذكرها لأنه رواه عن محمد بن سعيد بن المسيب فكتبه. انظر: السيرة (١/ ١٥٠) .
(٣) سبل: أى المطر، وقيل: هو المطر بين السحاب والأرض حين يخرج من السحاب ويخرج من الأرض. انظر: اللسان (مادة سبل) .
(٤) كل شارق: الشارق أى كل يوم طلعت فيه الشمس، وقيل: الشارق قرن الشمس. ولم يشوه: الإشواء يوضع موضع الإبقاء، قال أبو منصور: هذا كله من إشواء الرامى وذلك إذا رمى فأصاب الأطراف ولم يصيب المقتل فيوضع الإشواء موضع الخطأ والشىء الهين.
(٥) أورد فى السيرة بعد هذا البيت بيتين لم يذكرهما هنا هما:
وخيرهم أصلا وفرعا ومعدنا ... وأحظاهم بالمكرمات وبالذكر
وأولاهم بالمجد والحلم والنهى ... وبالفضل عند المجحفات من الغبر
انظر: السيرة (١/ ١٥٥) .