للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعيره على باب المسجد، ثم عقله، ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فى أصحابه؛ وكان ضمام رجلا جلدا، أشعر، ذا غديرتين، فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أصحابه، فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا ابن عبد المطلب» . قال:

أمحمد؟ قال: «نعم» ؛ قال: يا ابن عبد المطلب، إنى سائلك ومغلظ عليك فى المسألة، فلا تجدن فى نفسك، قال: «لا أجد فى نفسى، فسل عما بدا لك» . قال: أنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، الله بعثك إلينا رسولا؟ قال: «اللهم نعم» ، قال: فأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك: الله أمرك أن تأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأن نخلع هذه الأنداد التى كان آباؤنا يعبدون معه؟ قال: «اللهم نعم» ، قال: فأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك: الله أمرك أن نصلى هذه الصلوات الخمس؟ قال: «اللهم نعم» . ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة: الزكاة والصيام والحج، وشرائع الإسلام كلها، ينشده عند كل فريضة كما ينشده فى التى قبلها، حتى إذا فرغ قال: فإنى أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وسأؤدى هذه الفرائض، وأجتنب ما نهيتنى عنه، ثم لا أزيد ولا أنقص. ثم انصرف إلى بعيره راجعا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن صدق ذو العقيصتين دخل الجنة» .

قال: فأتى بعيره فأطلق عقاله، ثم خرج حتى قدم على قومه، فاجتمعوا عليه، فكان أول ما تكلم به أن سب اللات والعزى، قالوا: مه يا ضمام! اتق البرص، اتق الجذام، اتق الجنون! قال: ويلكم! إنهما والله ما تضران ولا تنفعان إن الله قد بعث رسولا، وأنزل عليه كتابا فاستنقذكم به مما كنتم فيه، فإنى أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به وما نهاكم عنه.

قال: فو الله، ما أمسى من ذلك اليوم وفى حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما. فبنوا المساجد، وأذنوا بالصلاة، وكلما اختلفوا فى شىء قالوا: عليكم بوافدنا.

قال ابن عباس: فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة «١» .

واختلف فى الوقت الذى وفد فيه ضمام هذا على النبى صلى الله عليه وسلم فقيل: سنة خمس. ذكره الواقدى وغيره، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة تسع، فالله أعلم.


(١) انظر الحديث فى: سنن الدارمى (١/ ٦٥٢) ، صحيح البخارى (١/ ٦٣) ، صحيح مسلم (١/ ١٠/ ٤١، ٤٢) ، سنن النسائى (٤/ ٢٠٩١) .