وقد قال بعض من يعذر خالدا: إنه قال: ما قاتلت حتى أمرنى بذلك عبد الله بن حذافة السهمى وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تقاتلهم لامتناعهم من الإسلام.
وحدث ابن أبى حدرد الأسلمى قال: كنت يومئذ فى خيل خالد بن الوليد فقال لى فتى من بنى جذيمة وهو فى سنى وقد جمعت يداه إلى عنقه برمة ونسوة مجتمعات غير بعيد منه: يا فتى. قلت: ما تشاء؟ قال: هل أنت آخذ بهذه الرمة فقائدى إلى هؤلاء النسوة حتى أقضى إليهن حاجة ثم تردنى بعد فتصنعوا بى بعد ما بدا لكم؟ قال قلت:
والله ليسير ما طلبت. فأخذت برمته فقدته بها أو قفته عليهن فقال: اسلمى حبيش على نفد العيش:
أريتك إذ طالبتكم فوجدتكم ... بحلية أو ألفيتكم بالخوانق
فلا ذنب لى قد قلت إذا أهلنا معا ... أثيبى بود قبل إحدى الصفائق
أثيبى بود قبل أن تشحط النوى ... وينأى الأمير بالحبيب المفارق
فقالت: وأنت فحييت سبعا وعشرا وترا وثمانيا تترى. قال: ثم انصرفت به فضربت عنقه. فحدث من حضرها أنها قامت إليه حين ضربت عنقه فما زالت تقبله حتى ماتت عنده.
وخرج النسائى هذه القصة فى مصنفة فى باب «قتل الأسارى» من حديث ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث سرية فغنموا وفيهم وفيهم رجل قال: إنى لست منهم، عشقت امرأة فلحقتها فدعونى أنظر إليها نظرة ثم اصنعوا بى ما بدا لكم. قال: فإذا امرأة طويلة أدماء فقال: اسلمى حبيش قبل نفد العيش وذكر بعض الشعر المتقدم وبعده: قالت: نعم فديتك. قال: فقدموه فضربوا عنقه فجاءت المرأة فوقفت عليه فشهقت شهقة أو شهقتين ثم ماتت، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال صلى الله عليه وسلم:«أما كان فيكم رجل رحيم» .
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى العزى وكانت بنخلة، وكان بيتا تعظمه قريش وكنانة ومضر كلها، وكان سدنتها وحجابها بنى شيبان من بنى سليم حلفاء بن هاشم، فلما سمع صاحبها السلمى بسير خالد إليها علق عليها سيفه وأسند فى الجبل الذى هو فيه وهو يقول:
أيا عز شدى شدة لا شوى لها ... على خالد ألقى القناع وشمرى