للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يزيد بن الحكم بن أبى العاص يذكر اصطخر الآخرة:

أنا ابن عظيم القريتين كليهما ... نمتنى إلى العليا الفروع الفوارع

لنا مجد بطحاوى ثقيف وغالب ... إذا عد بطحاواهما والد سائع

لنا الحسب العود الذى لا تناله ... عيون العدى والحاسدات الدواسع

أبى سلب الجبار بيضة ملكه ... فخر وأطراف الرماح شوارع

بمعترك ضنك به قصد القنى ... وهام وأيد تختليها القواطع

بأيدى سراة كلهم باع نفسه ... فأوفوا بما باعوا وأوفى المبايع

هم المؤمنون الواردو الموت فى الوغى ... كما ترد الماء العطاش النوائع

نجاهد فى نصر لخير شريعة ... إذا ذكرت يوم الحساب الشرائع

سمونا لزحف المشركين بوقعة ... بها رد مال الجزية المتتابع

تركنا من القتلى نثارا تعودها ... نسور تراماها الضباع الجوامع

جثى من عظام المشركين كأنها ... تلوح من الرأى البعيد صوامع

تركنا سباع الأرض والطير منهم ... شباعا وما فيها إلى الحول جائع

حديث فسا ودارابجرد «١»

قالوا «٢» : وقصد سارية بن زنيم لفسا ودارابجرد حتى أفضى إلى عسكرهم، فنزل عليهم وحاصرهم ما شاء الله، ثم إنهم استمدوا، فتجمعوا وتجمعت إليهم أكراد فارس، فدهم المسلمين أمر عظيم وجمع كثير، فرأى عمر، رضى الله عنه، فى تلك الليلة معركتهم وعددهم فى ساعة من النهار، فنادى من الغد، الصلاة جامعة، حتى إذا كان فى الساعة التى رأى فيها ما رأى خرج إليهم، وكان أريهم والمسلمين بصحراء، وإن أقاموا فيها أحيط بهم وإن أرزوا إلى جبل من خلفهم لم يؤتوا إلا من وجه واحد، ثم قام فقال: أيها الناس، إنى رأيت هذين الجمعين، وأخبر بحالهما، ثم قال: يا سارية، الجبل الجبل، ثم أقبل عليهم، فقال: إن لله عز وجل جنودا، ولعل بعضها أن يبلغهم، ولما كان تلك الساعة من ذلك اليوم أجمع سارية والمسلمون على الإسناد إلى الجبل، ففعلوا وقاتلوا القوم من وجه واحد، فهزمهم الله لهم، وكتبوا بذلك إلى عمر، رحمه الله، وباستيلائهم على البلد ودعاء أهله وتسكينهم.


(١) انظر الخبر فى: الطبرى (٤/ ١٧٨، ١٧٩) ، البداية والنهاية لابن كثير (٧/ ١٣٠- ١٣٢) ، الكامل فى التاريخ لابن الأثير (٣/ ٢١، ٢٢) .
(٢) انظر: الطبرى (٤/ ١٧٨، ١٧٩) .