قال: قد فرغت، وقال لعبد الله ابنه: يا عبد الله، اذهب إلى عائشة، فاسألها أن تأذن لى أن أدفع مع النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر. وفى رواية أنه قال له: اذهب إلى عائشة فقل لها: إن عمر يستأذن أن يدفن مع صاحبيه، ولا تقل أمير المؤمنين، فإنى لست اليوم بأمير المؤمنين، فذهب إليها عبد الله فوجدها تبكى، فذكر لها ذلك، فقالت: نعم، قد كنت أردته لنفسى ولأوثرنه اليوم على نفسى، فرجع إليه عبد الله وهو متطلع إليه، فقال: ما قالت لك؟ قال: أذنت، قال: الحمد لله، ما كان علىّ أمر أهم من هذا، فإذا أنا مت فاغسلنى، ثم احملنى، وأعد عليها الاستئذان، فإذا أذنت وإلا فاصرفنى إلى مقابر المسلمين.
فلما توفى، رحمه الله ورضى عنه، خرجوا به، فصلى عليه صهيب، ودفن فى بيت عائشة، رضى الله عنه وعنها.
ويروى أنه لما احتضر قال ورأسه فى حجر ابنه عبد الله، رضى الله عنهما:
ظلوم لنفسى غير أنى مسلم ... أصلى الصلاة كلها وأصوم
وكان مقتله لأربع بقين من ذى الحجة من سنة ثلاث وعشرين، وقيل: لثلاث بقين منه، وقيل: إن وفاته كانت غرة المحرم من سنة أربع وعشرين.
ونزل فى قبره عثمان وعلى وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد بن أبى وقاص، وقيل: صهيب وابنه عبد الله بن عمر عوضا من الزبير وسعد.
واختلف فى مبلغ سنه يوم توفى، وأشهر ما فى ذلك أنه توفى ابن ثلاث وستين سنة، وأنه استوفى عدة خلافته سن رسول الله صلى الله عليه وسلم التى توفى لها، وسن أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما.
ويروى عن عامر الشعبى أنه لما طعن عمر، رضى الله عنه، دخل عليه عبد الله بن عباس، فقال: يا أمير المؤمنين، أبشر بالجنة، فقال: ما تقول؟ قال: اللهم نعم، أسلمت حين كفر الناس، وقاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خذله الناس، ومات نبى الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض، ولم يختلف فى خلافتك رجلان، ثم قتلت شهيدا، فقال عمر: والله إن من تغرونه لمغرور، والله لو أن لى ما طلعت عليه الشمس من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع.
وعن ابن عباس أيضا قال: لما وضع عمر فى أكفانه، اكتنفه الناس يصلون عليه