للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه الناس. قال: استخلف ابن عامر على خراسان حين خرج منها سنة اثنتين وثلاثين قيس بن الهيثم، فجمع قارن جمعا كثيرا من ناحية الطبسين وأهل باذغيس وهراة وقهستان، فأقبل فى أربعين ألفا، فقال قيس لعبد الله بن حازم: ما ترى؟ قال: أرى أن تخلى البلاد فإنى أميرها، ومعى عهد من ابن عامر، إذا كانت حرب بخراسان فأنا أميرها، وأخرج كتابا قد افتعله، فكره قيس مشاغبته، فخلاه والبلاد، وأقبل إلى ابن عامر، فلامه ابن عامر، وقال: تركت البلاد حربا وأقبلت؟ قال: جاءنى بعهد منك.

قال: وسار ابن خازم إلى قارن فى أربعة آلاف، وأمر الناس فحملوا الودك، فلما قرب من عسكره أمر الناس أن يدرج كل واحد منهم على زج رمحه ما كان من خرقة أو قطن أو صوف، ثم يوسعوه ودكا من سمن أو زيت أو دهن أو إهالة. وقدم مقدمته ستمائة، ثم أتبعهم، وأمر الناس فأشعلوا النيران فى أطراف الرماح، وجعل بعضهم يقتبس من بعض، وانتهت مقدمته إلى عسكر قارن نصف الليل، ولهم حرس، فناوشوهم، وهاج المشركون على دهش، وكانوا آمنين على أنفسهم من البيات، ودنا ابن خازم منهم، فرأوا النيران يمنة ويسرة، وتتقدم وتتأخر، وتنخفض وترتفع، ولا يرون أحدا فهالهم ذلك، ثم غشيهم ابن خازم بالمسلمين، ومقدمته تقاتلهم، فقتل قارن وانهزم العدو، فاتبعوهم يقتلونهم كيف شاؤا، وأصابوا سبيا كثيرا، وأخذ ابن خازم عسكر قارن بما كان فيه، وكتب بالفتح إلى ابن عامر، فرضى وأقره على خراسان، فلبث عليها حتى انقضى أمر الجمل.

وقد روى أنه لما جمع قارن هذا الجمع للمسلمين، ضاق المسلمون بأمرهم، واستشار قيس، عبد الله بن خازم فى ذلك، فقال له: إنك لا تطيق كثرة من أتانا، فاخرج بنفسك إلى ابن عامر فتخبره بكثرة من جمعوا لنا، ونقيم نحن فى هذه الحصون نطاولهم حتى تقدم ويأتينا مددكم، فخرج قيس، فلما أمعن أظهر ابن خازم عهدا، وقال: قد ولانى ابن عامر على خراسان، فسار إلى قارن وظفر به، وكتب بالفتح إلى ابن عامر، فأقره على خراسان، فلم يزل أهل البصرة يغزون من لم يكن صالح من أهل خراسان، فإذا رجعوا خلفوا أربعة آلاف للعقبة، فكانوا كذلك حتى كانت الفتنة، فالله أعلم أى ذلك كان.

فتح عمورية وانتقاضها

وعن سعيد بن عبد العزيز: أن عثمان رضى الله عنه إئتم بأبى بكر وعمر رضى الله