فهو شهيد على، وأنتم أيضا لأنكم قديما كنتم معى، هذا قلت لكم لكيلا تشكوا.
والمنحمنا بالسريانية هو محمد صلى الله عليه وسلم، وهو بالرومية البرقليطس.
قال ابن هشام: وبلغنى أن رؤساء نجران كانوا يتوارثون كتبا عندهم، فكلما مات رئيس منهم فأفضت الرياسة إلى غيره ختم على تلك الكتب خاتما مع الخواتم التى قبله ولم يكسرها، فخرج الرئيس الذى كان على عهد النبى صلى الله عليه وسلم يمشى فعثر، فقال ابنه: تعس الأبعد. يريد النبى صلى الله عليه وسلم، فقال له أبوه: لا تفعل فإنه نبى واسمه فى الوضائع. يعنى الكتب. فلما مات لم تكن لابنه همة إلا أن شد فكسر الخواتم، فوجد ذكر النبى صلى الله عليه وسلم، فأسلم فحسن إسلامه وحج.
وهو الذى يقول:
إليك تعدو قلقا وضينها ... معترضا فى بطنها جنينها
مخالفا دين النصارى دينها
وقد جاءت أحاديث حسان بما وقع من صفة النبى صلى الله عليه وسلم فى التوراة، لم يذكر ابن إسحاق منها شيئا. فمن ذلك ما ذكره الواقدى عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله ابن عمرو بن العاص فقلت: أخبرنى عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى التوراة؟ فقال: أجل والله إنه لموصوف فى التوراة بصفته فى الفرقان: يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدى ورسولى، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب فى الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، يفتح بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا.
قال عطاء: ثم لقيت كعب الأحبار فسألته فما اختلفا فى حرف! وذكر الواقدى أيضا، عن النعمان السبئى قال: وكان من أحبار اليهود باليمن، فلما سمع بذكر النبى صلى الله عليه وسلم قدم عليه فسأله عن أشياء، ثم قال: إن أبى كان يختم على سفر يقول: لا تقرأه على يهود حتى تسمع بنبى قد خرج بيثرب، فإذا سمعت به فافتحه.
قال نعمان: فلما سمعت بك فتحت السفر، فإذا فيه صفتك كما أراك الساعة، وإذا فيه ما تحل وما تحرم، وإذا فيه أنك خير الأنبياء وأمتك خير الأمم واسمك أحمد صلى الله عليك وسلم، وأمتك الحمادون، قربانهم دماؤهم وأناجيلهم صدورهم، لا يحضرون