للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهى أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه» «١» .

فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفرارا بدينهم إلى الله. فكانت أول هجرة كانت فى الإسلام.

وكان أول من خرج من المسلمين عثمان بن عفان مع امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة معه امرأته سهلة بنت سهيل، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، ومصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومى معه امرأته أم سلمة، وعثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، وعامر بن ربيعة حليف آل الخطاب بن نفيل معه امرأته ليلى بنت أبى حثمة، وسهل بن بيضاء من بنى الحارث بن فهر، وأبو سبرة بن أبى رهم، ويقال: بل أبو حاطب بن عمرو. ويقال: هو كان أول من قدمها.

وكان هؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين، ثم خرج جعفر بن أبى طالب وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة منهم من خرج بأهله ومنهم من خرج بنفسه.

فكان جميع من لحق بأرض الحبشة من المسلمين سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم صغارا أو ولدوا بها، ثلاثة وثمانين رجلا، إن كان عمار بن ياسر فيهم، وهو يشك فيه.

وكان مما قيل من الشعر فى الحبشة أن عبد الله بن الحارث بن قيس بن عدى بن سعيد بن سهم، حين أمنوا بأرض الحبشة وحمدوا جوار النجاشى، وعبدوا الله لا يخافون على ذلك أحدا قال:

يا راكبا بلغن عنى مغلغلة ... من كان يرجو بلاغ الله والدين «٢»

كل امرىء من عباد الله مضطهد ... ببطن مكة مقهور ومفتون

أنا وجدنا بلاد الله واسعة ... تنجى من الذى والمخزاة والهون

فلا تقيموا على ذل الحياة وخز ... ى فى الممات وغيب غير مأمون

إنا تبعنا رسول الله واطرحوا ... قول النبى وعالوا فى الموازين

فاجعل عذابك بالقوم الذين بغوا ... وعائذا بك أن يعلوا فيطغونى

وقال عبد الله بن الحارث أيضا، يذكر نفى قريش إياهم من بلادهم ويعاتب بعض


(١) ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية (٣/ ٦٦) .
(٢) مغلغلة: بفتح العين هى الرسالة المحمولة من بلد إلى بلد.