للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما الذى معك؟» قال: مجلة لقمان «١» ، يعنى حكمة لقمان.

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعرضها على فعرضها عليه. فقال: «إن هذا الكلام حسن والذى معى أفضل من هذا، قرآن أنزله الله على هو هدى ونور» .

فتلا عليه القرآن ودعاه إلى الإسلام، فلم يبعد منه، وقال: إن هذا القول حسن. ثم انصرف عنه فقدم المدينة على قومه، فلم يلبث أن قتلته الخزرج قبل بعاث. فإن كان رجال من قومه ليقولون: إنا لنراه قد قتل وهو مسلم «٢» .

وكان سويد إنما يسميه قومه فيهم الكامل، لجلده وشعره وشرفه ونسبه وهو القائل:

ألا رب من تدعو صديقا ولو ترى ... مقاتله بالغيب ساءك ما يفرى

مقالته كالشهد ما كان شاهدا ... وبالغيب مأثور على ثغرة النحر

يسرك باديه وتحت أديمه ... نميمة غش تبترى عقب الظهر «٣»

تبين لك العينان ما هو كاتم ... من الغل والبغضاء بالنظر الشزر

فرشنى بخير طال ما قد بريتنى ... وخير الموالى من يريش ولا يبرى

ولما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة ومعه فتية من بنى عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج، سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم فجلس إليهم فقال لهم: هل لكم فى خير مما جئتم له؟ فقالوا له: وما ذاك؟ قال:

أنا رسول الله بعثنى إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا وأنزل على الكتاب. ثم ذكر لهم الإسلام وتلا عليهم القرآن.


(١) قال السهيلى فى الروض الأنف (٢/ ١٨٣) : مجلة لقمان وهى الصحيفة وكأنها مفصلة من الجلال والجلالة: أما الجلالة فمن صفة المخلوق، والجلال من صفة الله تعالى وقد أجاز بعضهم أن يقاس المخلوق: جلا وجلالة وأنشد:
فلا ذا جلال هبته لجلالة ... ولا ذا ضياع هن يتركن للفقر
ولقمان كان نوبيا من أهل آيلة، وهو لقمان بن عنقاء بن سرور فيما ذكروا وابنه الذى ذكر فى القرآن هو ثاران فيما ذكر الزجاج وغيره، وقد قيل فى اسمه غير ذلك، وليس بلقمان بن عاد الحميرى. انتهى.
(٢) انظر الحديث فى: دلائل النبوة للبيهقى (٢/ ٤١٩) ، البداية والنهاية لابن كثير (٣/ ١٤٧) .
(٣) ذكر هذا البيت ابن عبد البر فى الاستيعاب (٢/ ٢٣٦) فذكر شطره الأول كما ورد هنا أما الثانى:
... ... منحية شر يفترى عقب الظهر
وانظر الأبيات أيضا فى أسد الغابة الترجمة رقم (٢٣٤٨) .