للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما ما سمعنا من أهل العلم عندنا: فعبيدة بن الحارث أول من عقد له.

والشعر المنسوب لحمزة رضى الله عنه:

ألا يا لقومى للتحكم والجهل ... وللنقص من رأى الرجال وللعقل

وللراكبينا بالمظالم لم نطأ ... لهم حرمات من سوام ولا أهل «١»

كأنا تبلناهم ولا تبل عندنا ... لهم غير أمر بالعفاف وبالعدل»

وأمر بإسلام فلا يقبلونه ... وينزل منهم مثل منزلة الهزل

فما برحوا حتى انتدبت بغارة ... لهم حيث حلوا ابتغى راحة الفضل

بأمر رسول الله أول خافق ... عليه لواء لم يكن لاح من قبل

لواء لديه النصر من ذى كرامة ... إله عزيز فعله أفضل الفعل

عشية ساروا حاشدين وكلنا ... مراجله من غيظ أصحابه تغلى

فلما تراءينا أناخوا فعقلوا ... مطايا وعقلنا مدى غرض النبل

فعلنا لهم حبل الإله نصيرنا ... وليس لكم إلا الضلالة من حبل

فثار أبو جهل هنالك باغيا ... فخاب ورد الله كيد أبى جهل

وما نحن إلا فى ثلاثين راكبا ... وهم مئتان بعد واحدة فضل

فيال لؤى لا تطيعوا غواتكم ... وفيئوا إلى الإسلام والمنهج السهل «٣»

فإنى أخاف أن يصب عليكم ... عذاب فتدعوا بالندامة والثّكل

ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ربيع الأول يريد قريشا حتى بلغ بواط «٤» من ناحية رضوى، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا.

ثم غزاهم فسلك على نقب بنى دينار على فيفاء الحبار، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر، يقال لها: ذات الساق، فصلى عندها، فثمّ مسجده صلى الله عليه وسلم، وصنع له عندها طعام فأكل منه وأكل الناس معه، فموضع أثافى البرمة معلوم هنالك، واستقى له من ماء يقال له: المشرب المشترب.

ثم ارتحل حتى هبط بليل، ثم سلك فرش ملل حتى لقى الطريق بصحيرات اليمام، ثم اعتدل به الطريق حتى نزل العشيرة من بطن ينبع، فأقام بها جمادى الأولى وليالى من


(١) السوام: أى الإبل الراعية، وقيل: هى المرسلة فى المرعى.
(٢) تبلناهم: أى عاديناهم.
(٣) فيئوا: أى ارجعوا. والمنهج: أى الطريق الواضح.
(٤) انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ٨) ، البداية والنهاية (٣/ ٢٤٦) .