بنو الأوس الغطارف وآزرتها ... بنو النجار فى الدين الصليب
فغادرنا أبا جهل صريعا ... وعتبة قد تركنا بالحبوب
وشيبة قد تركنا فى رجال ... ذوى حسب إذا نسبوا حسيب
يناديهم رسول الله لما ... قذفناهم كباكب فى القليب
ألم تجدوا كلامى كان حقا ... وأمر الله يأخذ بالقلوب
فما نطقوا ولو نطقوا لقالوا ... صدقت وكنت ذا رأى مصيب
ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقوا فى القليب أخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القليب، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم- فيما ذكر- فى وجه أبى حذيفة بن عتبة فإذا هو كئيب قد تغير، فقال: «يا أبا حذيفة، لعلك دخلك من شأن أبيك شىء؟» «١» أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
قال: لا والله يا رسول الله، ما شككت فى أبى ولا فى مصرعه، ولكنى كنت أعرف من أبى رأيا وحلما وفضلا، فكنت أرجو أن يهديه ذلك للإسلام، فلما رأيت ما أصابه، وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذى كنت أرجو له، أحزننى ذلك.
فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقال له خيرا.
وكان فى قريش فتية أسلموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فلما هاجر إلى المدينة حبسهم آباؤهم وعشائرهم بمكة، وفتنوهم فافتتنوا، ثم ساروا مع قومهم إلى بدر فأصيبوا به جميعا، فنزل فيهم من القرآن فيما ذكر: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً [النساء: ٩٧] .
وأولئك الفتية: الحارث بن زمعة بن الأسود، وأبو قيس بن الفاكه، وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة، وعلى بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه بن الحجاج.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بما فى العسكر مما جمع الناس فجمع.
فاختلف فيه المسلمون، فقال من جمعه: هو لنا. وقال الذين كانوا يقاتلون العدو ويطلبونه: والله لولا نحن ما أصبتموه، لنحن شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم.
وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافة أن يخالف إليه العدو:
والله، ما أنتم بأحق به منا، ولقد رأينا أن نقتل العدو إذ منحنا الله أكتافهم، ولقد
(١) انظر الحديث فى: البداية والنهاية لابن كثير (٢/ ٢٩٤) .