للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى سعد هذا يقول أبو بكر الصديق- رضى الله عنه- وقد دخل عليه رجل وعلى صدره بنت لسعد جارية صغيرة يرشفها ويقبلها فقال الرجل: من هذه؟ فقال أبو بكر رضى الله عنه: بنت رجل خير منى، سعد بن الربيع، كان من النقباء ليلة العقبة وشهد بدرا، واستشهد يوم أحد.

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمس حمزة بن عبد المطلب فوجده ببطن الوادى قد بقر بطنه عن كبده ومثل به فجدع أنفه وأذناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى ما رأى: «لولا أن تحزن صفية ويكون سنّة من بعدى لتركته حتى يكون فى بطون السباع وحواصل الطير، ولئن أظهرنى الله على قريش فى مواطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم» «١» .

فلما رأى المسلمون حزن الرسول صلى الله عليه وسلم وغيظه على من فعل بعمه ما فعل، قالوا: والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثله لم يمثلها أحد من العرب. فأنزل الله تعالى، فيما قاله من ذلك رسوله صلوات الله عليه وسلامه: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ [النحل: ١٢٦، ١٢٧] ، فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبر ونهى عن المثلة.

ويقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وقف على حمزة قال: «لن أصاب بمثلك أبدا! ما وقفت موقفا قط أغيظ إلى من هذا» «٢» . ثم قال: «جاءنى جبريل فأخبرنى أن حمزة مكتوب فى أهل السموات السبع: حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله» «٣» .

ثم أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجى ببرده، ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات، ثم أتى بالقتلى، يوضعون إلى حمزة وصلى عليهم وعليه معهم، حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة.

وأقبلت صفية بنت عبد المطلب «٤» إليه، وكان أخاها لأبيها وأمها فقال رسول الله


(١) انظر الحديث فى: البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٣٩) .
(٢) انظر الحديث فى: فتح البارى لابن حجر (١/ ٣٧١) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٤٠) .
(٣) انظر الحديث فى: البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٤٠) .
(٤) انظر ترجمتها فى: طبقات ابن سعد (٨/ ٤١) ، طبقات خليفة (٣٣١) ، تاريخ خليفة (١٤٧) ، المعارف (١٢٨) ، تاريخ الإسلام (٣٨١٢) ، الإصابة ترجمة رقم (١١٤١١) .