ظالِمُونَ، أى ليس لك من الحكم شىء فى عبادى إلا ما أمرتك به فيهم، أو أتوب عليهم برحمتى فإن شئت فعلت، أو أعذبهم بذنوبهم فبحقى فإنهم ظالمون أى عصوا فاستوجبوا ذلك بمعصيتهم إياى.
ثم استقبل ذكر المصيبة التى نزلت بهم والبلاء الذى أصابهم والتمحيص لما كان فيهم واتخاذه الشهداء منهم، فقال تعزية لهم وتعريفا لهم فيما صنعوا وفيما هو صانع بهم: قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ، أى قد مضت منى وقائع نقمة فى أهل التكذيب برسلى والشرك، فى عاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين، فرأوا مثلات قد مضت منى فيهم ولمن هو على مثل ما هم عليه: هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ، أى نور وأدب لمن أطاعنى وعرف أمرى.
وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا، أى لا تضعفوا ولا تبتئسوا على ما أصابكم وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ لكم تكون العاقبة والظهور إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أى أن كنتم صدقتم نبيى بما جاءكم به عنى.
وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ أى الشهادة مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ يعنى الذين استنهضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخروج بهم إلى عدوهم يوم أحد لما فاتهم من يوم بدر رغبة فى الشهادة، يقول: فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ.
وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ، أى لقول الناس: قتل محمد. وانهزامهم عند ذلك وانصرافهم عن عدوهم.
أفئن مات أو قتل رجعتم عن دينكم كفارا كما كنتم، وتركتم جهاد عدوكم وكتاب ربكم وما خلف نبيه من دينه معكم وعندكم وقد بين لكم فيما جاءكم به عنى أنه ميت عنكم ومفارق لكم؟! وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ أى يرجع عن دينه فَلَنْ يَضُرَّ