للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتبعتم أمرى، وإنما أصابكم منهم ما أصابكم بذنوب قدمتموها لأنفسكم خالفتم بها أمرى وعصيتم فيها نبيى.

وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ، أى لقد وفيت لكم ما وعدتكم من النصر على عدوكم إذ تحسونهم بالسيوف أى تستأصلونهم قتلا بإذنى وتسليطى أيديكم عليهم وكفى أيديهم عنكم حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ أى تخاذلتم وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ اختلفتم فيه وَعَصَيْتُمْ بترك أمر نبيكم، يعنى الرماة الذين عهد إليهم ألا يفارقوا مكانهم فخالفوا أمره حتى أتى المسلمون من قبلهم مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ أى الفتح لا شك فيه وهزيمة القوم عن نسائهم وأموالهم مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا أى النهب وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ أى الذين جاهدوا فى الله ولم يخالفوا إلى ما نهوا عنه ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، أى أنه سبحانه وإن عاقب من يشاء من عباده ببعض الذنوب فى عاجل الدنيا أدبا وموعظة، فإنه غير مستوف كل ماله فيهم من الحق بما أصابوا من معصية، فضلا من الله ورحمة.

ثم أنبهم بالفرار عن نبيهم وهو يدعوهم ولا يعطفون عليه فقال: إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ أى كربا بعد كرب بقتل من قتل من إخوانكم وعلو عدوكم عليكم وما وقع فى أنفسكم حين سمعتم أنه قتل نبيكم لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ من الظهور على عدوكم بعد أن رأيتموه بأعينكم وَلا ما أَصابَكُمْ من قتل إخوانكم بما فرجت عنكم من الكرب بوقاية نبيكم وكشف كرب الشيطان فى الصراخ بقتله بينكم، فكان هذا هو الذى فرج الله به عنهم ما تابع عليهم من الغم، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا بين أظهرهم هان عليهم ما فاتهم من القوم بعد الظهور عليهم والمصيبة التى أصابتهم فيمن قتل منهم.

ثم قال تعالى بعد آيات ذكر فيها ما ذكر من قصة أحد وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ يعنى عبد الله بن أبى والراجعين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سار إلى عدوه عن المشركين. يقول الله تبارك وتعالى: هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.