للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تشتهون فأزيدكم؟ فيقولون: ربنا لا فوق ما أعطيتنا، الجنة نأكل منها حيث شئنا، إلا أنا نحب أن ترد أرواحنا فى أجسادنا ثم تردنا إلى الدنيا فنقاتل فيك حتى نقتل فيك مرة أخرى» .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله: «ألا أبشرك يا جابر؟» «١» قال: قلت: بلى يا رسول الله. قال: «إن أباك حيث أصيب بأحد أحياه الله، ثم قال: ما تحب يا عبد الله ابن عمرو أن أفعل بك؟ قال: أى رب أحب أن تردنى إلى الدنيا فأقاتل فيك فأقتل مرة أخرى» «٢» .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذى نفسى بيده ما من مؤمن يفارق الدنيا يحب أن يرجع إليها ساعة من النهار وأن له الدنيا وما فيها، إلا الشهيد فإنه يحب أن يرد إلى الدنيا فيقاتل فى الله فيقتل مرة أخرى» .

واستشهد من المسلمين يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار خمسة وستون رجلا، أربعة من المهاجرين وسائرهم من الأنصار وقتل الله من المشركين يومئذ اثنتين وعشرين رجلا.

وكان مما قيل من الشعر فى يوم أحد قول كعب بن مالك الأنصارى رحمه الله:

ألا هل أتى غسان عنا ودونهم ... من الأرض خرق سيره متنعنع

صحار وأعلام كأن قتامها ... من البعد نقع هامد متقطع

تظل به البزل العراميس رزحا ... ويخلو به غيث السنين فيمرع

به جيف الحسرى يلوح صليبها ... كما لاح كتان التجار الموضع

به العين والآرام يمشين خلفة ... وبيض نعام قيضه يتقلع

مجالدنا عن ديننا كل فخمة ... مذربة فيها القوانس تلمع

وكل صموت فى الصوان كأنها ... إذا لبست نهى من الماء مترع

ولكن ببدر سائلوا من لقيتم ... من الناس والأنباء بالغيب تنفع

وإنا بأرض الخوف لو كان أهلها ... سوانا لقد أجلوا بليل فأقشعوا


(١) انظر الحديث فى: مجمع الزوائد للهيثمى (٩/ ٣١٧) ، إتحاف السادة المتقين (٥/ ٢٤، ١٠/ ٣٨٣) ، المغنى عن حمل الأسفار للعراقى (١/ ٢٠٥، ٤/ ٤٨٠) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٤٤) .
(٢) انظر الحديث فى: البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٤٤) .