للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمهاجرى: أى الليل تحب أن أكفيكه أوله أو آخره؟ قال: بل اكفنى أوله فاضطجع المهاجرى فنام، وقام الأنصارى يصلى، وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة القوم، فرماه بسهم فوضعه فيه، قال: فانتزعه عنه وثبت قائما، ثم رماه بسهم آخر فوضعه فيه فنزعه فوضعه، وثبت قائما، ثم عاد له بثالث، فوضعه فيه فنزعه ثم ركع وسجد، ثم أهب صاحبه فقال: اجلس فقد أثبت. قال: فوثب، فلما رآهما الرجل عرف أن قد نذرا به فهرب، فلما رأى المهاجرى ما بالأنصارى من الدماء، قال: سبحان الله، أفلا أهببتنى أول ما رماك؟ قال: كنت فى سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها فلما تابع على الرمى ركعت فآذنتك، وأيم الله لولا أن أضيع ثغرا أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه لقطع نفسى قبل أن أقطعها أو أنفذها!

وقال جابر بن عبد الله: خرجت إلى غزوة ذات الرقاع على جمل لى ضعيف، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت الرفاق تمضى وجعلت أتخلف، حتى أدركنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ما لك يا جابر؟» قلت: يا رسول الله، أبطأ بى جملى، قال: «أنخه» «١» فأنخته وأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «أعطنى هذه العصا من يدك أو اقطع لى عصا من شجرة» «٢» ، ففعلت، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخسه بها نخسات ثم قال: «اركب» »

، فركبت فخرج- والذى بعثه بالحق- يواهق ناقته مواهقة، وتحدثت معه فقال لى:

«أتبيعنى جملك هذا يا جابر؟» «٤» قلت: يا رسول الله، بل أهبه لك. قال: «لا ولكن بعينه» . قلت: فسمنيه. قال: «قد أخذته بدرهم» . قلت: لا إذن تغبننى يا رسول الله.

قال: «فبدرهمين» . قلت: لا. فلم يرفع لى حتى بلغ الأوقية فقلت: أقد رضيت؟ قال:

«نعم» . قلت: فهو لك. قال: «قد أخذته» «٥» .

ثم قال: «يا جابر، هل تزوجت بعد؟» «٦» قلت: نعم يا رسول الله، قال: «أثيبا أم بكرا؟» قلت: بل ثيبا. قال: «أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟» قلت: يا رسول الله، إن


(١) انظر الحديث فى: دلائل النبوة للبيهقى (٣/ ٣٨٢) .
(٢) انظر الحديث فى: مسند الإمام أحمد (٢/ ٥١٧، ٣/ ٣٧٥) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٨٦) .
(٣) انظر الحديث فى: مسند الإمام أحمد (٣/ ٣٧٦) ، المعجم الكبير للطبرانى (١٧/ ٣٣٦) .
(٤) انظر الحديث فى: مسند الإمام أحمد (٣/ ٣١٦) ، دلائل النبوة للبيهقى (٣/ ٣٨٢) .
(٥) انظر الحديث فى: سنن الترمذى (٩١٦) ، مسند الإمام أحمد (٣/ ٣٧٦) ، سنن الدارقطنى (٣/ ٤٥) .
(٦) انظر الحديث فى: مسند الإمام أحمد (٦/ ٣٧٦) ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (٣/ ٣٩٠) .