وضرار بن الخطاب تلبسوا للقتال ثم خرجوا على خليهم حتى مروا بمنازل بنى كنانة فقالوا: تهيأوا يا بنى كنانة للحرب فستعلمون من الفرسان اليوم. ثم أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق، فلما رأوه قالوا: والله إن هذه لمكيدة، ما كانت العرب تكيدها! ثم تيمموا مكانا من الخندق ضيقا فضربووا خيلهم فاقتحمت منه فجالت بهم فى السبخة بين الخندق وسلع، وخرج على بن أبى طالب فى نفر من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التى أقحموا منها خيلهم، وأقبلت الفرسان تعنق نحوهم، وكان عمرو بن عبد ود قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد يوم أحد فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه، فلما وقف هو وخيله قال: من يبارز؟ فبرز على بن أبى طالب فقال له: يا عمرو إنك كنت عاهدت الله لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه، فقال له: أجل؛ فقال له على: فإنى أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام. قال: لا حاجة لى بذلك. قال: فإنى أدعوك إلى النزال. قال له:
ولم يا ابن أخى! فو الله ما أحب أن أقتلك. قال على: لكنى والله أحب أن أقتلك! فحمى عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه، ثم أقبل على على فتنازلا وتجاولا، فقتله علىّ.
وخرجت خيلهم منهزمة حتى اقتحمت من الخندق هاربة.
وذكر ابن إسحاق فى غير رواية البكائى أن عمرا لما نادى يطلب من يبارزه قام على- رضى الله عنه- وهو مقنع فى الحديد فقال: أنا له يا نبى الله فقال له: «اجلس إنه عمرو» ثم ذكر عمرو النداء وجعل يؤنبهم ويقول: أين جنتكم التى تزعمون أنه من قتل منكم دخلها! أفلا تبرزون إلى رجلا؟! فقام على فقال: أنا له يا رسول الله. قال:
«اجلس إنه عمرو» . ثم نادى الثالثة وقال:
ولقد بححت من الندا ... أبجمعكم هل من مبارز
ووقفت إذ جبن المشجع ... وقفة الرجل المناجز
وكذاك أنى لم أزل ... متسرعا نحو الهزاهز
إن الشجاعة فى الفتى ... والجود من خير الغرائز
فقال علىّ- رضى الله عنه- فقال: أنا له يا رسول الله. فقال:«إنه عمرو» فقال:
وإن كان عمرا. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى إليه علىّ وهو يقول: