للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى سيدكم» «١» فاما المهاجرون من قريش فيقولون: إنما أراد الأنصار. وأما الأنصار فيقولون: قد عم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين. فقاموا إليه فقالوا: يا أبا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم. فقال سعد بن معاذ: عليكم عهد الله وميثاقه: أن الحكم فيهم لما حكمت؟ قالوا: نعم. قال: وعلى من ها هنا- فى الناحية التى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «نعم» . قال سعد: فإنى أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى والنساء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» «٢» .

ثم استنزلوا فحسبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المدينة فى دار امرأة من بنى النجار، ثم خرج صلى الله عليه وسلم إلى سوق المدينة فخندق بها خنادق، ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم فى تلك الخنادق، يخرج بهم إليها أرسالا. وفيهم عدو الله حيى بن أخطب وكعب بن أسد رأس القوم، وهم ستمائة أو سبعمائة، والمكثر يقول: كانوا بين الثمان المائة والتسع المائة.

وقالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا: يا كعب ما تراه يصنع بنا؟ قال: أفى كل موطن لا تعقلون! ألا ترون أن الداعى لا ينزع وأن من ذهب به منكم لا يرجع؟ هو والله القتل.

فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتى بعدو الله حيى بن أخطب وعليه حلة فقاحية قد شقها عليه من كل ناحيه قدر أنملة لئلا يسلبها، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، فلما نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما والله ما لمت نفسى فى عداوتك ولكن من يخذل الله يخذل! ثم أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس، إنه لا بأس بأمر الله، كتاب وقدر وملحمة كتبت على بنى إسرائيل! ثم جلس فضربت عنقه. فقال فى ذلك


(١) انظر الحديث فى: صحيح البخارى (٤/ ٨١، ٥/ ٤٤، ٦/ ٧٢، ١٣٤) ، صحيح مسلم فى كتاب الجهاد باب (٢٢) رقم (٦٤) ، سنن أبى داود (٥٢١٥، ٥٢١٦) ، سنن الترمذى (٨٥٦) ، مسند الإمام أحمد (٣/ ٢٢، ٧١) ، السنن الكبرى للبيهقى (٦/ ٥٨، ٩/ ٦٣، ٩٧) ، المعجم الكبير للطبرانى (٦/ ٦) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ١٣٨) ، مصنف ابن أبى شيبة (١٤/ ٤٢٥) ، دلائل النبوة (٤/ ١٨) ، كنز العمال للمتقى الهندى (٢٥٤٨٣) ، مشكاة المصابيح للتبريزى (٤٦٩٥، ٣٩٦٣٥) ، فتح البارى لابن حجر (١/ ٣٢٠، ٥/ ٥١، ١٧٧، ٧٨، ٧/ ٤١١، ١١/ ٤٩) ، زاد المسير لابن الجوزى (٨/ ١٩٣) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٣/ ٢/ ٤، ٥) ، شرح السنة للبغوى (١١/ ٩٢) ، السلسلة الصعيفة للألبانى (٣٤٦) .
(٢) انظر الحديث فى: البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ١٠٨) .