للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقع نعلين خلفه فقال: «إن هذا لثعلبة بن سعية يبشرنى بإسلام ريحانة» «١» . فجاءه فقال:

يا رسول الله، قد أسلمت ريحانة. فسره ذلك من أمرها.

وأنزل الله- عز وجل- فى أمر الخندق وبنى قريظة القصة فى سورة الأحزاب يذكر فيها ما نزل بهم من البلاء، ويذكر نعمته عليهم وكفايته إياهم حتى فرج عنهم ذلك:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً [الأحزاب: ٩- ١٢] فى آيات استوفى فيها تعالى ذكر ما شاء من قصتهم.

ثم قال سبحانه: وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً [الأحزاب:

٢٤- ٢٧] .

فلما انقضى شأن بنى قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه فمات شهيدا، يرحمه الله.

فذكروا أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قبض سعد من خوف الليل معتجرا بعمامة من استبرق فقال: يا محمد، من هذا الميت الذى فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟! فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا يجر ثوبه إلى سعد بن معاذ فوجده قد مات.

وقد كان سعد رجلا بادنا، فلما حمله الناس وجدوا له خفة، فقال رجال من المنافقين: والله إن كان لبادنا، وما حملنا من جنازة أخف منه. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن له حملة غيركم، والذى نفس محمد بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد واهتز له العرش» «٢» .


(١) انظر الحديث فى: الطبقات الكبرى لابن سعد (٨/ ١٣١) ، دلائل النبوة للبيهقى (٤/ ٢٤) .
(٢) انظر الحديث فى: سنن الترمذى (٥/ ٣٨٤٩) ، مستدرك الحاكم (٣/ ٢٠٧) .