أثرنا سكة الأنباط فيها ... فلم نر مثلها جلهات وادى
قصرنا كل ذى حضر وطول ... على الغايات مقتدر جواد
أجيبونا إلى ما نجتذيكم ... من القول المبين والسداد
وإلا فاصبروا لجلاد يوم ... لكم منا إلى شطر المذاد
نصبحكم بكل أخى حروب ... وكل مطهم سلس القياد
وكل طمرة خفق حشاها ... تدف دفيف صفراء الجراد
وكل مقلص الآراب نهد ... تميم الخلق من أخر وهاد
خيول لا تضاع إذا أضيعت ... خيول الناس فى السنة الجماد
ينازعن الأعنة مصغيات ... إذا نادى إلى الفزع المنادى
إذا قالت لنا النذر استعدوا ... توكلنا على رب العباد
وقلنا لن يفرج ما لقينا ... سوى ضرب القوانس والجهاد
ولم فلم نر عصبة فيمن لقينا ... من الأقوام من قار وباد
أشد بسالة منا إذا ما ... أردناه وألين فى الوداد
إذا ما نحن أشرجنا عليها ... جياد الجدل فى الأرب الشداد
قذفنا فى السوابغ كل صقر ... كريم غير معتلث الزناد
أشم كأنه أسد عبوس ... غداة بدا ببطن الجزع غادى
ليظهر دينك اللهم إنا ... بكفك فاهدنا سبل الرشاد
وقال حسان بن ثابت يذكر بنى قريظة:
تفاقد معشر نصروا قريشا ... وليس لهم ببلدتهم نصير «١»
هم أوتوا الكتاب فضيعوه ... وهم عمى من التوراة بور
فهان على سراة بنى لؤى ... حريق بالبويرة مستطير
ولما سمع ذلك أبو سفيان بن الحارث قال:
أدام الله ذلك من صنيع ... وحرق فى طرائقها السعير
فى أبيات ذكرها ابن إسحاق لم يأل قائلها أن صدق حسان.
وقال فى ذلك- أيضا- جبل بن جوال الثعلبى، وبكى النضير وقريظة ونعى على سعد بن معاذ إسلامه مواليه منهم خلاف ما فعل عبد الله بن أبى فى بنى قينقاع:
(١) تفاقد: أى فقد بعضهم بعضا.