قال أبو جهم: ولما فرغ إبراهيم من بناء البيت وأدخل الحجر فى البيت، جعل المقام لاصقا بالبيت عن يمين الداخل، فلما كانت قريش قصر الخشب عليهم، فأخرجوا الحجر، وكان ما أخرجوا منه سبعة أذرع.
وأمر إبراهيم بعد فراغه من البناء أن يؤذن فى الناس بالحج، فقال: يا رب، وما يبلغ صوتى؟!
قال الله جل ثناؤه: أذّن وعلىّ البلاغ.
فارتفع على المقام وهو يومئذ ملصق بالبيت، فارتفع به المقام حتى كان أطول الجبال، فنادى وأدخل إصبعيه فى أذنيه، وأقبل بوجهه شرقا وغربا، يقول: أيها الناس، كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فأجيبوا ربكم عز وجل.
فأجابه من تحت البحور السبعة، ومن بين المشرق والمغرب إلى منقطع التراب من أطراف الأرض كلها: لبيك اللهم لبيك.
أفلا تراهم يأتون يلبون؟!
فمن حج من يومئذ إلى يوم القيامة فهو ممن استجاب لله عز وجل.
وذلك قول الله جل ثناؤه: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ [آل عمران: ٩٧] يعنى نداء إبراهيم على المقام بالحج فهى الآية.
قال الواقدى: وقد روى أن الآية هى أثر إبراهيم على المقام.
قال أبو الجهم: فلما فرغ إبراهيم من الأذان ذهب به جبريل فأراه الصفا والمروة، وأقامه على حدود الحرم، وأمره أن ينصب عليها الحجارة، ففعل إبراهيم ذلك، وكان أول من أقام أنصاب الحرم، ويريه إياها جبريل.
فلما كان اليوم السابع من ذى الحجة، خطب إبراهيم عليه السلام بمكة، حين زاغت الشمس قائما، وإسماعيل جالس، ثم خرجا من الغد يمشيان على أقدامهما يلبيان محرمين، مع كل واحد منهما إداوة يحملها وعصا يتوكأ عليها، فسمى ذلك اليوم يوم التروية.
فأتيا منى فصليا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، وكانا نزلا فى الجانب الأيمن، ثم أقام حتى طلعت الشمس على ثبير، ثم خرج يمشى هو وإسماعيل حتى أتيا