للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصلح منها فقالت له امرأته: لماذا تعد ما أرى؟ قال: لمحمد واصحابه. قالت: والله ما أراه يقوم لمحمد شىء! قال: والله إنى لأرجو أن أخدمك بعضهم! ثم قال:

إن يقبلوا اليوم فما لى عله ... هذا سلاح كامل وأله

وذو غرارين سريع السله «١»

ثم شهد الخندمة، فلما لقيهم المسلمون من أصحاب خالد بن الوليد ناوشوهم شيئا من قتال، فقتل كرز بن جابر وخنيس بن خالد كانا فى خيل خالد فشذا عنه وسلكا طريقا غير طريقه فقاتلا جميعا وأصيب سلمة بن الميلاء الجهنى من خيل خالد، وأصيب من المشركين ناس ثم انهزموا فخرج حماس منهزما حتى دخل بيته وقال لامرأته: أغلقى على بابى.

قالت: فأين ما كنت تقول؟ فقال:

إنك لو شهدت يوم الخندمه ... إذ فر صفوان وفر عكرمه

واستقبلتهم بالسيوف المسلمه ... يقطعن كل ساعد وجمجمه

ضربا فلا يسمع إلا غمغمه ... لهم نهيت خلفنا وهمهمه

لم تنطقى فى اللوم أدنى كلمه «٢»

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد: «لم قاتلت وقد نهيتك عن القتال؟» قال: هم بدأونا ووضعوا فينا السلاح وأشعرونا النبل، وقد كففت يدى ما استطعت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قضاء الله خير» .

وفر- يومئذ- صفوان بن أمية عامدا للبحر وعكرمة بن أبى جهل عامدا لليمن، فأقبل عمير بن وهب بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبى الله، إن صفوان بن أمية سيد قومه وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه فى البحر فأمنه صلى الله عليك فإنك قد أمنت الأحمر والأسود. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدرك ابن عمك فهو آمن» . قال: يا رسول الله، فأعطنى آية يعرف بها أمانك. فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامته التى دخل فيها مكة. فخرج بها عمير حتى أدركه بجدة وهو يريد أن يركب البحر فقال: يا صفوان فداك أبى وأمى! الله الله فى نفسك أن تهلكها فهذا أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جئتك به قال: ويلك اغرب عنى فلا تكلمنى.


(١) ذو غرارين: أى بها سيفا، والغرار: الحد.
(٢) النهيب: نوع من صياح الأسد. والهمهمة: صوت فى الصدر.