للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمى هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد السوط والعصا ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل أربعون منها فى بطونها أولادها، يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس لآدم وآدم من تراب» . ثم تلا هذه الآية: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات: ١٣] .

ثم قال: «يا معشر قريش، ما ترون أنى فاعل فيكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. ثم قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء» «١» .

ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد فقام إليه على بن أبى طالب- رضى الله عنه- ومفتاح الكعبة فى يديه، فقال: يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين عثمان بن طلحة» ؟ فدعى له فقال: «هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء» . وقال لعلى فيما حكى ابن هشام: «إنما أعطيكم ما ترزأون لا ما ترزأون» «٢» .

وذكر ابن عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى طوافه نزل فأخرجت الراحلة فركع ركعتين ثم انصرف إلى زمزم فاطلع فيها وقال: «لولا أن يغلب بنو عبد المطلب على سقياتهم لنزعت منها بيدى» . ثم انصرف إلى ناحية المسجد قريبا من مقام إبراهيم- وكان المقام لاصقا بالكعبة- فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسجل من ماء فشرب وتوضأ والمسلمون يبتدرون وضوءه يصبونه على وجوههم والمشركون ينظرون إليهم ويعجبون ويقولون: ما راينا ملكا قط بلغ هذا ولا سمعنا به!

وذكر ابن هشام- أيضا- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل البيت يوم الفتح فرأى فيه صور الملائكة وغيرهم، فرأى إبراهيم مصورا فى يده الأزلام يستقسم بها، فقال: «قاتلهم الله! جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام؟! ما شأن إبراهيم والأزلام» ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» [آل عمران: ٦٧] ثم أمر بتلك الصور كلها فطمست «٣» .


(١) انظر الحديث فى: فتح البارى لابن حجر (٧/ ٦١٢) ، السنن الكبرى للبيهقى (٩/ ١١٨) .
(٢) انظر الحديث فى: مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ١٧٧) .
(٣) انظر الحديث فى: سنن أبو داود (٢/ ٢٠٢٧) ، سنن البيهقى (٥/ ١٥٨) ، المطالب العالية لابن حجر (٤/ ٤٣٦٤) .