للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أمام هوازن وهم خلفه، إذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه، فبينا ذلك الرجل يصنع ما يصنع إذا أهوى له على بن أبى طالب ورجل من الأنصار يريدانه قال: فيأتى على من خلفه فضرب عرقوبى الجمل فوقع على عجزه ووثب الأنصارى على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه فانجعف عن رحله.

قال ابن إسحاق «١» : فلما انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة تكلم رجال منهم بما فى أنفسهم من الضغن فقال أحدهم: لا تنتهى هزيمتهم دون البحر. وإن الأزلام لمعه فى كنانته. وصرخ آخر منهم: ألا بطل السحر اليوم! فقال له صفوان بن أمية وهو يومئذ مشرك فى المدة التى جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

اسكت فض الله فاك! فو الله لأن يربنى رجل من قريش أحب إلىّ من أن يربنى رجل من هوازن.

وقال شيبة بن عثمان بن أبى طلحة أخو بنى عبد الدار، وكان أبوه قتل يوم أحد، قلت: اليوم أدرك ثأرى، اليوم أقتل محمدا. قال: فأردت برسول الله لأقتله فأقبل شىء حتى تغشى فؤادى فلم أطق ذلك وعلمت أنى ممنوع منه «٢» .

وذكر ابن أبى خيثمة حديث شيبة هذا، قال: لما رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يوم حنين أعرى ذكرت أبى وعمى قتلهما حمزة، قلت: اليوم أدرك ثأرى فى محمد، فجئته عن يمينه فإذا أنا العباس قائما عليه درع بيضاء، قلت: عمه لن يخذله، فجئته عن يساره فإذا أنا بأبى سفيان بن الحارث، قلت: ابن عمه لن يخله، فجئته من خلفه فدنوت ودنوت حتى لم يبق إلا أن أسور سورة بالسيف فرفع إلى شواظ من نار كأنه البرق فنكصت على عقبى القهقرى، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا شيبة ادنه» . فدنوت فوضع يده على صدرى فاستخرج الله الشيطان من قلبى فرفعت إليه بصرى فلهو أحب إلى من سمعى وبصرى، فقال لى: «يا شيبة قاتل الكفار» «٣» . فقاتلت معه صلى الله عليه وسلم.

وحدث «٤» العباس بن عبد المطلب قال: إنى لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بحكمة بغلته البيضاء قد شجرتها بها وكنت امرء جسيما شديد الصوت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين رأى ما رأى من أمر الناس: «أين أيها الناس؟» فلم أر الناس يلوون على شىء، فقال: «يا


(١) انظر: السيرة (٤/ ٧٦- ٧٧) .
(٢) انظر: السيرة (٤/ ٧٧) .
(٣) انظر الحديث فى: البداية والنهاية (٤/ ٣٣٣) ، الدر المنثور للسيوطى (٣/ ٢٢٦) .
(٤) انظر: السيرة (٤/ ٧٨) .