للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأسلم عند ذلك ناس كثير من أهل مكة وغيرهم حين رأوا نصر الله ورسوله وإعزاز دينه.

وحدث «١» جبير بن مطعم قال: لقد رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد الأسود أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم، فنظرت فإذا نمل أسود مثبوت قد ملأ الوادى ولم أشك أنها الملائكة، فلم تكن إلا هزيمة القوم «٢» .

والتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ فرأى أم سليم بنت ملحان، وكانت مع زوجها أبى طلحة وهى حازمة وسطها ببرد لها وإنها لحامل بعبد الله بن أبى طلحة، ومعها جمل أبى طلحة قد خشيت أن يعزها فأدنت رأسه منها فأدخلت يدها فى خزامته مع الحظام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أم سليم؟» قالت: نعم، بأبى أنت وأمى يا رسول الله، اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك فإنهم أهل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أو يكفى الله يا أم سليم؟» . وقال لها أبو طلحة: ما هذا الخنجر يا أم سليم؟ لخنجر رآه عندها. قالت: خنجر اتخذته إن دنا منى أحد من المشركين بعجته به. فقال أبو طلحة:

ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم! «٣» .

وحدث «٤» أنس: أن أبا طلحة استلب وحده يوم حنين عشرين رجلا «٥» .

وقال أبو قتادة رأيت يوم حنين رجلين يقتتلان: مسلما ومشركا، فإذا رجل من المشركين يريد أن يعين صاحبه المشرك على المسلم فأتيته فضربت يده فقطعتها واعتنقنى بيده الأخرى، فو الله ما أرسلنى حتى وجدت ريح الدم.

ويروى: ريح الموت. فلولا أن الدم نزفه لقتلنى، فسقط فضربته فقتلته وأجهضنى عنه القتال. فلما وضعت الحرب أوزارها وفرغنا من القوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل قتيلا فله سلبه. فقلت: يا رسول الله والله لقد قتلت قتيلا ذا سلب فأجهضنى عنه القتال


(١) انظر: السيرة (٤/ ٨١- ٨٢) .
(٢) انظر الحديث فى: دلائل النبوة للبيهقى (٥/ ١٤٦) ، تاريخ الطبرى (٢/ ١٦٩) ، تفسير ابن كثير (٤/ ٧٢) .
(٣) انظر الحديث فى: صحيح مسلم كتاب الجهاد باب غزوة النساء مع الرجال (٣/ ١٤٤٢، ١٤٤٣) ، سنن أبو داود (٢٧١٨) ، مسند الإمام أحمد (٣/ ١٠٨، ١٠٩، ١٩٠، ٢٧٩، ٢٨٦) .
(٤) انظر: السيرة (٤/ ٨١) .
(٥) انظر الحديث فى: سنن الدارمى (٢/ ٢٤٨٤) ، مسند الإمام أحمد (٣/ ١١٤، ١٢٣، ١٩٠، ٢٧٩) ، مستدرك الحاكم (٣/ ٣٥٣) ، ابن حبان (٧/ ٤٨١٨) .