للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما استقل الناس نادى سعيد بن عبيد: ألا إن الحى مقيم. يقول عيينة بن حصن «١» :

أجل، والله مجدة كراما! فقال له رجل من المسلمين: قاتلك الله يا عيينة؟ أتمدح المشركين بالامتناع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جئت تنصره؟ قال: إنى والله ما جئت لأقاتل ثقيفا معكم، ولكنى أردت أن يفتح محمد الطائف فأصيب من ثقيف جارية أتطئها لها تلد لى رجلا فإن ثقيفا قوم مناكير.

ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى إقامته عليهم عبيد لهم فأسلموا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أسلم أهل الطائف تكلم نفر منهم فى أولئك العبيد «٢» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لا، أولئك عتقاء الله» «٣» .

واستشهد بالطائف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر رجلا، سبعة من قريش وأربعة من الأنصار ورجل من بنى ليث «٤» .

ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطائف حتى نزل الجعرانة وإليها كان قدم سبى هوازن وأموالهم «٥» ، وقال له رجل من أصحابه يوم ظعن عن ثقيف: يا رسول الله، ادع عليهم فقال: «اللهم اهد ثقيفا وائت بهم» «٦» .

ثم أتاه وفد هوازن بالجعرانة، وقد أسلموا، وكان معه من سبيهم ستة آلاف من الذرارى والنساء ومن الإبل والشاء ما لا يدرى ما عدته، فقالوا: يا رسول الله إنا أهل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله عليك، وقام رجل منهم من سعد بن بكر يقال له: زهير، يكنى بأبى صرد، فقال: يا رسول الله، إنما فى الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك اللائى كن يكفلنك، ولو أنا ملحنا للحارث بن


(١) انظر ترجمته فى: الاستيعاب الترجمة رقم (٢٠٧٨) ، الإصابة الترجمة رقم (٦١٦٦) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٤١٦٦) ، تجريد أسماء الصحابة (١/ ٤٣٢) ، الاستبصار (٩٤، ٩٥) ، العبر (١٢، ١٣) ، الثقات (٣/ ٣١٢) .
(٢) ذكر ابن إسحاق فى السيرة (٤/ ١١٢) ، إنه كان ممن تكلم فيهم الحارث بن كلدة.
(٣) انظر الحديث فى: تاريخ الطبرى (٤/ ٣٤٨) ، دلائل النبوة للبيهقى (٥/ ١٥٩) .
(٤) قد سمهم ابن إسحاق فى السيرة (٤/ ١١٣- ١١٤) .
(٥) راجع أمر أموال هوازن وسباياها فى: تاريخ الطبرى (٢/ ١٧٣) ، الكامل فى التاريخ (٢/ ٢٦٨) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ١٥٢، ١٥٣) ، عيون الأثر لابن سيد الناس (٢/ ١٩٣) .
(٦) انظر الحديث فى: مسند الإمام أحمد (٣/ ٣٤٣) ، سنن الترمذى (٥/ ٣٩٤٢) .