للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد أخبرنى رجال من قومى عن رجل من المنافقين معروف نفاقه كان يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سار، فلما كان من أمر الماء بالحجر ما كان ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا فأرسل الله الصحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس قالوا: أقبلنا عليه نقول: ويحك! هل بعد هذا شىء؟ قال: سحابة مارة. قيل لمحمود: هل كان الناس يعرفون النفاق فيهم؟ قال:

نعم، والله إن كان الرجل ليعرفه من أخيه ومن أبيه ومن عمه وفى عشيرته ثم يلبس بعضهم بعضا على ذلك «١» .

ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار حتى إذا كان ببعض الطريق ضلت ناقته فخرج أصحابه فى طلبها وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه يقال له: عمارة بن حزم وكان عقبيا بدريا وهو عم بنى عمرو بن حزم وكان فى رحله زيد بن اللصيت القينقاعى، وكان منافقا، فقال زيد وهو فى رحل عمارة وعمارة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس محمد يزعم أنه نبى ويخبركم عن خبر السماء وهو لا يدرى أين ناقته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمارة عنده:

«إن رجلا قال: هذا محمد يخبركم أنه نبى ويزعم أنه يخبركم بأمر السماء وهو لا يبدى أين ناقته وإنى والله لا أعلم إلا ما علمنى الله وقد دلنى الله عليها وهى فى الوادى من شعب كذا وكذا وقد حبستها شجرة بزمامها فانطلقوا حتى تأتونى بها» ؛ فذهبوا فجاؤا بها فرجع عمارة بن حزم إلى رحله فقال: والله لعجب من شىء حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا عن مقالة قائل أخبره الله عنه. للذى قال زيد بن اللصيت. فقال رجل ممن كان فى رحل عمارة ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم: زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتى، فأقبل عمارة على زيد يجأ فى عنقه ويقول: يا عباد الله! إن فى رحلى لداهية وما أشعر! اخرج أى عدو الله من رحلى فلا تصحبنى «٢» .

فزعم بعض الناس أن زيدا تاب بعد ذلك وقال بعض: لم يزل متهما بشر حتى مات «٣» .

ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرا فجعل يتخلف عنه الرجل فيقولون: يا رسول الله تخلف فلان. فيقول: «دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد


- الغابة الترجمة رقم (٤٧٨٠) ، طبقات ابن سعد (٥/ ٧٧) ، طبقات خليفة الترجمة رقم (٢٠٣٩) ، المعرفة والتاريخ (١/ ٣٥٦) ، تهذيب الكمال (١٣١٠) ، تذهيب التهذيب (٤/ ٢٦) ، تهذيب التهذيب (١٠/ ٦٥) ، خلاصة تذهيب الكمال (٣١٧) ، شذرات الذهب (١/ ١١٢) .
(١) ذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد (٦/ ١٩٤، ١٩٥) ، ابن كثير فى البداية والنهاية (٥/ ٩) .
(٢) ذكره البيهقى فى دلائل النبوة (٥/ ٢٢٣) ، ابن كثير فى البداية والنهاية (٥/ ٩) .
(٣) انظر: السيرة (٤/ ١٤٩) .