للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأتاهم قصى بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة، فقال: لنحن أولى بهذا الأمر منكم.

فقاتلوه، فاقتتل الناس قتالا شديدا، ثم انهزمت صوفة وغلبهم قصى على ما كان بأيديهم من ذلك.

وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصى، وعرفوا أنه سيمنعهم كما منع صوفة، وأنه سيحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة، فلما انحازوا عنه بادأهم وأجمع لحربهم، وخرجت له خزاعة وبنو بكر فالتقوا، فاقتتلوا قتالا شديدا بالأبطح، حتى كثرت القتلى فى الفريقين جميعا، وفشت الجراح فيهم وأكثر ذلك فى خزاعة.

ثم إنهم تداعوا إلى الصلح وإلى أن يحكموا بينهم رجلا من العرب، فحكموا يعمر ابن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن قصى.

فقضى بينهم أن قصيا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة، وأن كل دم أصابه قصى من خزاعة وبنى بكر موضوع يشدخه «١» تحت قدميه، وأن ما أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة ففيه الدية مؤداة، وأن يخلى بين قصى وبين الكعبة ومكة.

فسمى يعمر بن عوف يومئذ الشداخ، لما شدخ من الدماء، ووضع منها، ويقال:

الشداح أيضا.

فولى قصى البيت وأمر مكة، وجمع قومه من منازلهم إلى مكة، وتملك على قومه وأهل مكة فملكوه، إلا أنه قد أقر العرب على ما كانوا عليه، وذلك أنه كان يراه دينا فى نفسه لا ينبغى تغييره.

فأقر آل صفوان وعدوان والنسأة ومرة بن عوف على ما كانوا عليه؛ حتى جاء الإسلام فهدم الله به ذلك كله «٢» .

وبنو مرة بن عوف هم أهل البسل وقد تقدم ذكرهم.

وأما النسأة «٣» فهم بنو فقيم بن عدى بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.


(١) يشدخه: الشدخ الكسر فى كل شىء رطب، وقيل: هو التهشيم يعنى به كسر اليابس وكل أجوف. وقال الليث: الشدخ كسرك الشىء الأجوف كالرأس ونحوه. انظر: اللسان (مادة اشدخ) .
(٢) انظر: السيرة (١/ ١١٦) .
(٣) انظر: السيرة (١/ ٥٤) .