للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله عمير بن عدى فلما أمسى من تلك الليلة سما عليها فى بيتها فقتلها ثم أصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنى قد قتلتها: فقال: نصرت الله ورسوله يا عمير.

فقال: هل على شىء من شأنها يا رسول الله؟ فقال: «لا ينتطح فيها عنزان» «١» .

فرجع عمير إلى قومه وبنو خطمة يومئذ كثير فوجههم فى شأن بنت مروان ولها بنون خمسة رجال. فقال: يا بنى خطمة، أنا قتلت بنت مروان فكيدونى جميعا ثم لا تنظرون. فذلك اليوم أول ما عز الإسلام فى دار بنى خطمة، وكان يستخفى بإسلامه فيهم من أسلم. ويومئذ أسلم رجال منهم لما رأوا من عز الإسلام.

والسرية التى أسرت ثمامة بن أثال الحنفى سيد أهل اليمامة، وذلك أن خيلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت فأخذت رجلا من بنى حنيفة لا يشعورن من هو، حتى أتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أتدرون من أخذتم؟ هذا ثمامة بن أثال الحنفى، أحسنوا إساره» ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله. فقال: «اجمعوا ما كان عندكم من طعام، فابعثوا به إليه» ، وأمر بلقحته أن يغدى عليه بها ويراح، فجعل لا يقع من ثمامة موقعا، ويأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: «أسلم يا ثمامة» ، وفى رواية: «ما تقول يا ثمامة؟» فيقول: يا محمد، إن تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن ترد الفداء فسل تعط منه ما شئت. فمكث ما شاء الله أن يمكث ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم يوما: أطلقوا ثمامة. فلما أطلقوه خرج حتى اتى البقيع فتطهر فأحسن طهوره ثم أقبل فبايع النبى صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فلما أمسى جاؤه بما كانوا يأتونه به من الطعام فلم ينل منه إلا قليلا، وباللقحة فلم يصب من حلابها إلا يسيرا، فعجب المسلمون من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مم تعجبون، من رجل أكل فى أول النهار فى معى كافر وأكل آخر النهار فى معى مسلم، إن الكافر يأكل فى سبعة أمعاء وإن المسلم يأكل فى معى واحد» «٢» .


(١) انظر الحديث فى: كنز العمال للمتقى الهندى (٤٤١٣١) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ٢٧، ٢٨) .
(٢) هذا الحديث عند ابن إسحاق، وإسناده عنده ضعيف، وللحديث شواهد عن أبى هريرة من وجوه، أخرجها الترمذى فى سننه (١٨١٩) ، ابن ماجه فى سننه (٣٢٥٦) ، النسائى فى السنن الكبرى (٤/ ١٧٨) . وأخرج البخارى فى كتاب المغازى (٧/ ٤٣٧٢) ، مسلم فى كتاب الجهاد (٣/ ٥٩) من طريق سعيد بن أبى سعيد أنه سمع أبا هريرة رضى الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد الحيثد، فذكره بطوله، وفيه: إسلام ثمامة بن أثال، وليس فى الحديث ذكر الطعام.